
بقدر الهزيمة كانت الكذبة، وكانت محاولات التضليل فبعد نكسة يونيو التي تركت أثرًا غائرًا في الوجدان الوطني المصري والعربي، تفجرت احتجاجات شباب الجامعات المصرية بقيادة منظمة الشباب الاشتراكي لمرتين في سنة واحدة هو عام ١٩٦٨ الأولي في فبراير عقب محاكمات الهزيمة والثانية في نوفمبر من نفس العام احتجاجًا علي قمع طلاب المدارس الأزهرية والثانية في مدينة المنصورة وكانت مطالب الشباب تتركز علي الحريات ومواجهة مراكز القوي والسعي لتحرير الأرض المحتلة.
فهل كانت المحاكمات العسكرية سنة ٦٨ التي أعقبت النكسة مجرد مسرحية هزلية لتهدئة الشعب المصري والعربي الذي كان يترنح من هول الصدمة؟ وهل الطريقة التي أديرت بها محاكمات النكسة تعبر عن قضاء حر ونزيه أم مجرد مسرحية لم يتقن أفرادها أداء أدوارهم فيها؟
هذه الأسئلة طرحها كمال خالد المحامي في كتابه (في ساحة الطغيان: شاهد علي أغرب محاكمات مصر) الصادر عن دار الاعتصام عام ١٩٧٥ ويسرد كمال خالد وقائع هذه المحاكمة ومادار فيها من أحداث ومهازل ففي مقدمة الكتاب يقول «شاء قدري أن أوكل للدفاع عن كثير من المتهمين في معظم القضايا السياسية والتي أطلق علي كثير منها اسم قضايا المؤامرات» ويتحدث في الكتاب عن شمس بدران وموسي صبري ومصرع حمزة البسيوني وعن المشير عبد الحكيم عامر وقصة وفاته وأيضًا اعتماد خورشيد والسيدة التي قادتها من الدار للنار وأكياس الذهب التي سلمتها اعتماد عقب اعتقال المشير والمتهم الذي قلب مائدة المشير وشمس، وأذن للصلاة .
ويقول إن المحكمة كانت عبارة عن مسرحية هزلية فيذكر في زفة مضحكة كيف دخل صلاح نصر يخفي عينيه بنظارة سوداء ثمينة ويضع علي رأسه «طاقية» من الفرو وبيده عصا بيد مقوسة ومطعمة ومن خلفه طبيب كبير أنيق يضع السماعة في أذنيه ويحمل في إحدي يديه جهازًا صغيرًا حديثًا للتنفس وبيده الأخري حقيبة مكدسة بالأدوية وأدوات إسعاف.. فهل كان صلاح نصر داخلاً إلي محكمة أم إلي مستشفي؟
وأيضًا أثناء نظر القضية فوجئ الجميع بصلاح المريض المتهالك يثور في القفص مناديا علي أحد المصورين الصحفيين «خد يا ولد سلمني هذه الكاميرا» فيرتبك المصور وينظر إلي الضابط كبير الحراس وكأنه يلوذ به ففوجئ بالأخير يأمره بإطاعة أوامر السيد صلاح نصر وفي خوف وتردد اقترب منه وقدم له الكاميرا فأمسك بها وقال له وبأعلي صوت ليسمعه كل الجالسين «الحركات القذرة دي اللي أنا معلمها لكم ما تتعملش معايا..
مرة تانية ما تصورنيش من تحت دقني لتشوه منظري فاهم» وأعاد له الكاميرا وهو يأمره «اتفضل افتحها واحرق الفيلم» ولم يستطع المصور إلا أن يطيع الأمر ويحرق الفيلم، وتصل المهزلة لقمتها عندما تفتتح إحدي الجلسات ويقف علي نور الدين رئيس هيئة الادعاء ليلقي كل مرافعة الادعاء ويتعرض لصلاح نصر ولتصرفاته وانحرافاته الأخلاقية فيقف صلاح ثائرًا آمرًا السيد علي نور الدين بالجلوس موجهًا له الشتائم والسباب وقال له «أهذا هو الكلام الذي أتفقت معي عليه في المستشفي لقد وافقت علي صيغة معينة ولا أقبل غيرها يا (...)»
وهنا تدخل رئيس المحكمة وقال «خلاص يا صلاح اسكت» فزادت ثورته وخلع نظارته السوداء والتفت إلي حارسه الواقف علي باب القفص وصاح فيه آمرا «افتح يا ولد القفص ده أنا مش قاعد افتح» فالتفت الحارس إلي رئيس المحكمة الذي قال بلهجة اليائس «افتح له» وخرج صلاح نصر وهو يقذف بالشتائم ويوزعها ذات اليمين واليسار وسط اندهاش وذهول جميع من بالمحكمة ورفعت الجلسة للاستراحة!
فهل من المعقول أن هذه تصرفات متهم أمام محكمة عسكرية؟
ولم ينس المؤلف أن يذكر أيضًا أن عبد الناصر كان يستمع لكل وقائع جلسات المحاكمات عن طريق ميكروفونات دقيقة موجودة بقاعة المحكمة .
فهل كانت وقائع هذه المحاكمات لمحاسبة ومعاقبة المسؤولين والمتسببين في النكسة أم أنها مجرد لعبة استخف فيها بالشعب ولمجرد السيطرة علي الوضع الذي تفاقم بعد ذلك .
هذه الأسئلة طرحها كمال خالد المحامي في كتابه (في ساحة الطغيان: شاهد علي أغرب محاكمات مصر) الصادر عن دار الاعتصام عام ١٩٧٥ ويسرد كمال خالد وقائع هذه المحاكمة ومادار فيها من أحداث ومهازل ففي مقدمة الكتاب يقول «شاء قدري أن أوكل للدفاع عن كثير من المتهمين في معظم القضايا السياسية والتي أطلق علي كثير منها اسم قضايا المؤامرات» ويتحدث في الكتاب عن شمس بدران وموسي صبري ومصرع حمزة البسيوني وعن المشير عبد الحكيم عامر وقصة وفاته وأيضًا اعتماد خورشيد والسيدة التي قادتها من الدار للنار وأكياس الذهب التي سلمتها اعتماد عقب اعتقال المشير والمتهم الذي قلب مائدة المشير وشمس، وأذن للصلاة .
ويقول إن المحكمة كانت عبارة عن مسرحية هزلية فيذكر في زفة مضحكة كيف دخل صلاح نصر يخفي عينيه بنظارة سوداء ثمينة ويضع علي رأسه «طاقية» من الفرو وبيده عصا بيد مقوسة ومطعمة ومن خلفه طبيب كبير أنيق يضع السماعة في أذنيه ويحمل في إحدي يديه جهازًا صغيرًا حديثًا للتنفس وبيده الأخري حقيبة مكدسة بالأدوية وأدوات إسعاف.. فهل كان صلاح نصر داخلاً إلي محكمة أم إلي مستشفي؟
وأيضًا أثناء نظر القضية فوجئ الجميع بصلاح المريض المتهالك يثور في القفص مناديا علي أحد المصورين الصحفيين «خد يا ولد سلمني هذه الكاميرا» فيرتبك المصور وينظر إلي الضابط كبير الحراس وكأنه يلوذ به ففوجئ بالأخير يأمره بإطاعة أوامر السيد صلاح نصر وفي خوف وتردد اقترب منه وقدم له الكاميرا فأمسك بها وقال له وبأعلي صوت ليسمعه كل الجالسين «الحركات القذرة دي اللي أنا معلمها لكم ما تتعملش معايا..
مرة تانية ما تصورنيش من تحت دقني لتشوه منظري فاهم» وأعاد له الكاميرا وهو يأمره «اتفضل افتحها واحرق الفيلم» ولم يستطع المصور إلا أن يطيع الأمر ويحرق الفيلم، وتصل المهزلة لقمتها عندما تفتتح إحدي الجلسات ويقف علي نور الدين رئيس هيئة الادعاء ليلقي كل مرافعة الادعاء ويتعرض لصلاح نصر ولتصرفاته وانحرافاته الأخلاقية فيقف صلاح ثائرًا آمرًا السيد علي نور الدين بالجلوس موجهًا له الشتائم والسباب وقال له «أهذا هو الكلام الذي أتفقت معي عليه في المستشفي لقد وافقت علي صيغة معينة ولا أقبل غيرها يا (...)»
وهنا تدخل رئيس المحكمة وقال «خلاص يا صلاح اسكت» فزادت ثورته وخلع نظارته السوداء والتفت إلي حارسه الواقف علي باب القفص وصاح فيه آمرا «افتح يا ولد القفص ده أنا مش قاعد افتح» فالتفت الحارس إلي رئيس المحكمة الذي قال بلهجة اليائس «افتح له» وخرج صلاح نصر وهو يقذف بالشتائم ويوزعها ذات اليمين واليسار وسط اندهاش وذهول جميع من بالمحكمة ورفعت الجلسة للاستراحة!
فهل من المعقول أن هذه تصرفات متهم أمام محكمة عسكرية؟
ولم ينس المؤلف أن يذكر أيضًا أن عبد الناصر كان يستمع لكل وقائع جلسات المحاكمات عن طريق ميكروفونات دقيقة موجودة بقاعة المحكمة .
فهل كانت وقائع هذه المحاكمات لمحاسبة ومعاقبة المسؤولين والمتسببين في النكسة أم أنها مجرد لعبة استخف فيها بالشعب ولمجرد السيطرة علي الوضع الذي تفاقم بعد ذلك .
صدام كمال الدين
improve search engine ranking seo guide backlink service how to get backlinks
ردحذف