
بدأ حياته الصحفية دفاعًا عن الموظفين المصريين ، منتقدًا الموظفين الإنجليز، الذين يستنزفون أموال الدولة دون عمل، وقيل عنه إنه مؤسس حرية الرأي في الصحافة المصرية وواضع حجر الأساس لها. قال عن الصحافة: «خلعوا علي الصحافة لقب صاحبة الجلالة، لكن صاحبة الجلالة تحمل علي رأسها تاجًا من الأشواك وحجارته من المتاعب والاتهام والشكوك!
فالصحفي يكتب وسيف الاتهام مصلت فوق رأسه، وقليلون منا نحن الصحفيين الذين أوتوا الشجاعة لإبداء رأيهم، ولا يبالون أن يتهموا في نزاهتهم وأنهم مأجورون ينالون ثمن مقالاتهم من دولة ما أو من جهة ما.. إذا كتب الصحفي اتهم في نزاهته، وإذا لم يكتب اتهم في شجاعته بأنه لا يؤدي رسالته».
تذكر ابنته شريفة أنها وعت عليه ككاتب وصحفي مشهور أثناء طفولتها، فكانت تستمع إلي مناقشاته في البيت مع أصدقائه فريد الأطرش وكمال الشناوي ونجاة الصغيرة وعبد الوهاب وغيرهم.
وتقول: علاقته بمصطفي وعلي أمين بدأت مع عشرينيات القرن الماضي عندما انضم التابعي لمجلة روزاليوسف، ولأنها كانت مجلة فنية لم يكتب لها النجاح اقترح التابعي علي السيدة روزاليوسف أن تصدر في ثوب سياسي.
وتذكر شريفة التابعي أنه في عام ١٩٣٤ قرر التابعي أن ينفصل عن روزاليوسف بسبب خلاف في العمل، وبالرغم من هذا لم تتأثر صداقتهما، وبعد رحيل التابعي عن روزا أسس مجلة «آخر ساعة» لينضم إلي العمل معه تلميذاه مصطفي وعلي أمين.
في عام ١٩٤٦ أصيب التابعي بأزمة شديدة نتيجة للضغوط وكثرة العمل، فنصحه الأطباء بالراحة لثلاثة أو أربعة أشهر، ولأنه كان يميل إلي أن يكون صحفيا أكثر من كونه مالك الجريدة وافق علي عرض مصطفي أمين بشراء «آخر ساعة» منه.
وتضيف شريفة التابعي: إنه «علي مر السنين تناقلت الصحف مزحة مفادها أن التابعي اشتري فكرة آخر ساعة بخمسة قروش وباعها بعشرين ألف جنيه، والحقيقة أنه في بداية تأسيسه المجلة طلب من المحررين أن يبحثوا معه عن اسم للمجلة، وكتشجيع لهم أخبرهم بأنه سيكافئ صاحب أفضل فكرة بخمسة قروش فاقترح مصطفي أمين اسم آخر ساعة ففتح الدرج وأعطاه الخمسة قروش».
وتذكر شريفة أن التابعي كان يفضل الاستيقاظ مبكراً، في السادسة صباحاً يتناول إفطاره وهو يمارس رياضة المشي ليعود بعد ذلك إلي مكتبه ويبدأ عمله، وكان يتناول الغداء في تمام الواحدة والنصف ظهراً، وكانت هذه الوجبة الرسمية لاجتماع العائلة، ولم يكن يرد علي التليفونات أثناء الطعام وكانت والدتها تتولي أمرها وبعد الغداء يرتاح قليلاً حتي الساعة الخامسة..
وكان ممنوعاً إيقاظه من أجل تليفون مهم، وتضيف أذكر أن الممثل الشخصي للرئيس جمال عبدالناصر وهو «حسن صبري الخولي» اتصل بوالدي وهو نائم وطلب إيقاظه فرفضت والدتي فطلب منها إبلاغه بأن ما كتبه عن دور الروس في حرب ١٩٦٧ سيعترض عليه السفير السوفيتي، ولهذا يجب حذف إحدي فقراته، فقالت له والدتي إما أن ينشر المقال كاملاً أو لا ينشر وانتهت المكالمة، وبعد استيقاظ والدي انتظرت والدتي حتي تناول طعامه ثم أخبرته بأمر المكالمة، وقتها رنَّ جرس التليفون ليخبروا أبي أن الرئيس عبدالناصر وافق علي نشر المقال كما هو، وأذكر أن والدي لم يغضب مما قالته إذ كانت تنوب عنه في بعض الأمور.
وتقول شريفة إن التابعي كان له العديد من الأصدقاء المقربين منهم العقاد وكانت بينهما علاقة ودية وتبادل للكتب والإهداءات، وفي مكتبة التابعي يوجد الكثير من كتب العقاد بإهداءاته، وفي فترة سجنو معًا بالإضافة إلي هيكل الذي يطلق علي نفسه آخر العنقود وتذكر أيضًا أن التابعي كان له طريقة ساخرة ولاذعة في تعليم الآخرين،
ومن أعز أصدقاء التابعي أيضًا سليمان نجيب وكانت تربط بينهما صداقة حميمة استمرت حتي وفاته ولهما ذكريات جميلة معاً في رأس البر مع نجيب الريحاني وتوفيق الحكيم وأم كلثوم وعبدالوهاب والذي كانت تربطه به صداقة قوية، إذ كان الوحيد من أصدقائه المسموح له بأن يدخل حجرة التابعي ويختار من دولابه أي كرافتة تعجبه ولكن في الفترة التي اقتبس فيها عبدالوهاب بعض الألحان الموسيقية انتقده في عدة مقالات من ضمنها «امسك حرامي»،
ولم يؤثر هذا علي صداقتهما، لكن في الفترة الأخيرة لم يكن عبدالوهاب يسأل عنه، وأيضاً يوسف وهبي الذي أطلق علي التابعي أنه صديقه الذي يسقيه السم في برشامة وعندما سئل «لماذا لا تدافع عن نفسك؟» قال: أفضل أن يهاجمني التابعي في صفحة كاملة علي أن يمتدحني في سطور قليلة».
وتضيف السيدة شريفةالتابعي: علي الجانب الشخصي كان للتابعي العديد من قصص الحب، والتي ربطت بينه وبين العديد من الفنانات حتي أطلق عليه «دونجوان الصحافة المصرية» بالإضافة إلي العديد من الألقاب الأخري مثل «أمير الصحافة المصرية والعربية».
وعن علاقاته النسائية تقول: عرفت كغيري أن الأستاذ كان متزوجاً من زوزو حمدي الحكيم، ولم يدم زواجهما لفترة طويلة، أما أسمهان فكانت مخطوبة له رسمياً، والسبب في معرفتهما ببعض كان عبدالوهاب الذي كان مؤمناً بموهبتها، لأن أسمهان لم تكن معروفة في ذلك الوقت، والوحيد الذي كان بيده أن يشهر أي شخصية، سواء علي المستوي الأدبي أو الفني، كان التابعي فعرفهما ببعض، وحدث بينهما إعجاب وتمت خطبتهما وفسخا الخطوبة ورجعا لبعض، ثم قرر التابعي أن يفسخ العلاقة تماما،
وذلك لعدة أسباب منها العاملون معه في آخر ساعة، الذين أخبروه أن هذه العلاقة ستؤثر عليه بالسلب، ولن يعطي جهده لآخر ساعة، وهددوا بالاستقالة في حالة إتمام الزواج، وعندما كتب كتاب «أسمهان تروي قصتها»، الذي أعيد نشره مؤخراً كتب تاريخها بمنتهي الموضوعية ولم يذكر الجانب الشخصي كصديقة مقربة، لكنه ذكر قصة حبه لأسمهان في سيناريو بعد تغيير الأسماء، وتكلم عن علاقة الحب التي جمعتهما والخطوبة. أما علاقته بأم كلثوم فكانت علاقة صداقة عميقة جدا، لدرجة أنها كانت تغني أحيانا في منزله.
أما علاقته بالقصر فكانت علاقة حب وكره، بمعني أنه في البداية كان مع الملك، وكان يطلق عليه «الملك المأمول والمحبوب» وكانت له أخطاؤه، وفي الوقت نفسه كان ضحية الحاشية الفاسدة من حوله، والتابعي كان يذكر رأيه بمنتهي الصراحة في الملك، ولذلك كان يرفض أن يسافر علي نفقته، حتي لا يصبح مدينا لأحد عندما يقول رأيه بصراحة. ومن المعروف أنه عندما وصل الملك فاروق لحد الطغيان ووصل مداه كتب عدة مقالات مشهورة تداولتها الجماهير منها «يحيا الظلم»، و«يحيا ظلم كل جبار»..
ومن صفات التابعي أنه كان شديد الدقة في كتابة مذكراته، فكان يكتبها يوماً بيوم، وكان من ضمنها جزء يتكلم فيه عن السيدة زوزو حمدي الحكيم، ولم يتم نشر هذه المذكرات. وتضيف ابنته شريفة: من ضمن أوراق التابعي خطابات من العندليب أثناء تلقيه العلاج بلندن ردا علي مقالات للتابعي كتب فيها أن أسرة عبدالحليم تجهده بالعمل المستمر من أجل المال، وأيضاً أن عمر الشريف يجهد عبدالحليم بالسهر والحفلات في لندن.
وعن علاقة الحب بين والدها ووالدتها تقول: «والدتي كانت إحدي المعجبات وقرأت كتاب (أسمهان تروي قصتها)، وكانت معجبة جدا بأسمهان وكتب التابعي، وكانت بالصدفة موجودة مع الأسرة في شاطئ سان استيفانو فتعارفا وأعجب بها أبي، لأنها كانت تجمع بين الثقافة والشخصية، وبعد الزواج كانت بمثابة سكرتيرة له وتحاول تلبية طلباته كما يريد»..
وفي رصد سريع لعلاقة التابعي بعبد الناصر والسادات تقول شريفة إن علاقة التابعي كانت في البداية علاقة طيبة مع كل قادة الثورة، وكانوا يتقابلون في مكتبه بآخر ساعة بمثابة مستشار لهم، يعطيهم نصائح سياسية، لأنه كان يأمل أن تصحح الثورة ما أفسدته الفترة الأخيرة من الحكم الملكي، لكن عندما رأي ما حدث، وكان الفساد قد أصبح أكثر مما كان عليه، بدأ يهاجم عبد الناصر وينسحب من الساحة.
أما السادات فكان من أشد المحبين للتابعي، لدرجة أن كتاب «من أسرار السياسة» طبع مرتين بناء علي طلب السادات .
صدام كمال الدين
0 التعليقات:
إرسال تعليق