![]() |
إبراهيم عبد المجيد |
صادفت الإسكندرية في تاريخها العديد من الأحداث التي أثرت عليها، وكانت السبب في تحولها من طور إلى آخر .
الروائي إبراهيم عبدالمجيد رصد هذه الأحداث في رواياته الثلاث التي يمكن أن نطلق عليها ثلاثية الإسكندرية، وهي: لا أحد ينام في الإسكندرية، طيور العنبر، وآخرها الإسكندرية في غيمة الصادرة حديثاً، وتكشف كيف تحولت الإسكندرية من مدينة أوروبية إلى أخرى، يهرب منها الأجانب، تاركين وراءهم عنفا وفتنا طائفية .
* لماذا تبدو الكتابة عن مدينة الإسكندرية وكأنها بغرض الإمساك بلحظة لن تعود، هذه اللحظة خاصة بك شخصياً من ناحية وبالمدينة من ناحية أخرى؟
من الطبيعي أن يكتب الكاتب عن المكان الذي ولد فيه، لأن الخبرات والمشاعر الأولى ترتبط بهذا المكان، فالانطباعات الأولى تظل في الروح إلى الأبد، وأنا ولدت في الإسكندرية، بملامحها القديمة، من وجود الأجانب والعمارة الإيطالية، ولم تكن مزدحمة كما الآن، كانت تتمتع بملامح عالمية خاصة بها، فالتسامح منتشر، ولا توجد فتنة طائفية، ولكن بمرور الزمن كل هذا تغير .
* ومتى تخلصت من هذا النزوع العاطفي لترى المدينة برؤية أخرى؟
ولدت بعد الحرب العالمية الثانية وسمعت في طفولتي الكثير من الحكايات عنها، فرجعت إلى الوثائق والكتب والصحف وزرت أماكن الحرب، لأكتشف هذه المرة المدينة بعقلي، وبعد أن كتبت لا أحد ينام في الإسكندرية عن تلك الفترة وجدت الرواية تدفع إلى أخرى، عندما تخلت المدينة عن كل هذه الملامح في الخمسينات وحرب قناة السويس جاءت طيور العنبر، وبدأ الأجانب يتركون المدينة، وبعد حرب 56 انتهجت مصر سياسة اقتصادية جديدة التأميم أو التمصير، ما أدى إلى هجرة أصحاب الشركات الكبرى، وأخذت المدينة ملامحها المصرية من تغيير أسماء الشوارع والشركات وغير ذلك، لكن بقيت الملامح العالمية موجودة حتى حقبة السبعينات التي تدور فيها أحداث الرواية الأخيرة ''الإسكندرية في غيمة .
* هل انتهيت من قول كل ما تريده عن الإسكندرية؟
لا أستطيع أن أجيب إجابة نهائية فالكاتب مسير لا مخير، وربما يعتقد أنه انتهى من قول شيء ما ويدرك لاحقا أنه لم يقل كل شيء، ربما أكتب عن الإسكندرية لكنه سيكون عملاً مختلفاً عن أعمالي السابقة، فما يربط بين رواياتي الثلاث هو الأحداث الكبرى التي أثرت في المدينة، كالحرب العالمية الثانية، وتحديداً معركة العلمين، وتحولها إلى مدينة ذات ملامح مصرية، وعندما تنهض المدينة سيكتبها غيري، أو ربما أكتبها أنا، لكن لن يكون هناك جزء رابع .
* نادر أحد شخصيات الإسكندرية في غيمة يكتب الشعر ويتغزل في المدينة لا في حبيبته . أليس هذا غريباً؟
يتغزل في المدينة ويرثيها أيضاً، ويكتب لحبيبته مقاطع شعرية قصيرة، وضياع حبيبته هو رمز لضياع الإسكندرية، وفي الفصول الأولى حبيبته تحكي عنه وعن الإسكندرية أيضاً، وكأنها والمدينة شيء واحد، ومن أخذ حبيبته منه هو جهاز أمن الدولة .
* في ظل حكم الإخوان المسلمين، إلى أين تتجه مصر؟
تتجه إلى نضال قوي، لأن المصريين استوعبوا الآن أن شعارات الإخوان لا دخل لها بالسياسة أو الواقع، وبعد أن حاولوا اغتيال عبدالناصر، وقاموا بالتفجيرات التي حدثت في عهده، تعاطف الناس معهم بسبب سجنهم وتعذيبهم، ولكن حان الوقت الذي يقوم فيه الشعب بمحاكمتهم، فالثورة مستمرة، ومع الوقت ستطال الإسلاميين، بسبب انتهاكاتهم المستمرة .
* وكيف ترى الثقافة والإبداع خلال الفترة المقبلة؟
الإسلاميون ليس لديهم كوادر في الثقافة، وهم يستهدفونها، وأنا من دعاة إلغاء وزارة الثقافة لأنها فكرة شمولية، ففي النظام الرأسمالي الثقافة يصنعها الشعب، والوزارة تسهم في الحراك الثقافي لكن بأموال الشعب، والمجتمع الأهلي هو الذي يصنع ثقافته، والحكم سيكون للقارئ وحده .
* البعض يؤكد أن الإبداع يزدهر تحت سطوة القمع والديكتاتورية كيف ترى ذلك؟
الأدب موجود في كل الفترات، والقمع أحد أسباب تطور الأشكال الأدبية، وتغير طريقة الكتابة نفسها، وحتى إن تم منع النشر داخل مصر، سنقوم بالنشر في الخارج، مثلما كان يحدث في فترات سابقة .
صدام كمال الدين
06/05/2013
0 التعليقات:
إرسال تعليق