يسرى حسان: لم يتغير شئ فى مصر بعد ثورة يناير


يسرى حسان
يستطيع المبدع أن يستشرف المستقبل عندما يقرأ بدقة واقعه الذى يعيشه ، هذا ما يؤكده الشاعر يسرى حسان ، فقد كانت أغلب الإبداعات الصادرى قبل الثورة تشى بتغيير كبير يستشعره الكثيرون .

يسرى حسان له أربعة دواويين أحدثهم ديوان "قبل يناير..بعد يناير"، وهو ناقد وكاتب مسرحى له نصان مسرحيان ، كتب أشعار العديد من المسرحيات لمسرح الدولة والثقافة الجماهيرية ، ترجمت أشعاره إلى الإنجليزية والفرنسية واليونانية ، ويرأس تحرير جريدة مسرحنا التى تصدر عن وزارة الثقافة المصرية .


* ما الذى تغير فى مصر بعد يناير عما كان قبله ؟

ربما قارئ الديوان سيلحظ أن شيئا لم يتغير استبدلنا استبداد ظل 30 عاما باستبداد اخر لا أظن أنه سيستمر حتى 30 شهرا نظرا لفشله وأكاذيبه المستمرة وقدرة الشعب على اكتشاف الخديعة مبكرا ، ووصول الاخوان للحكم خدم مصر كثيرا ، لأنهم كانوا جماعة غير معروفة لأغلب الشعب المصرى توجهاتها وما الذى تريده تحديدا ، وعندما وصل الاخوان لسدة الحكم اكتشف الشعب المصرى الخديعة والأكاذيب وخاصة أنه ما من وعد أطلقه الرئيس مرسى إلا وحنث به مع أنه رجل يتحدث بالقرآن والسنة ويعلم أن آيات المنافق ثلاث إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا أؤتمن خان ، والآيات الثلاث تنطبق على الرئيس مرسى ، ولذلك فى الانتخابات القادمة لن يستطيع الإخوان الحصول على الأغلبية التى حصلوا عليها خلال الفترة الماضية .

* فى قصيدة يمكن تحس تقول : الفوضى حلت فى أرضك / صبحو عبيدك سيادك / لا صانوا شرفك وعرضك / ولا حفظوا ليكى ودادك ، وهى مكتوبة عام 2008 ، هل يمكن أن ينطبق معناها على الوضع الحالى لمصر ؟

بالتأكيد ، فالشعر الحقيقى من مميزاته أنه يستشرف المستقبل فأحيانا نستدعى قصائد من التراث القديم وما كتب فى مراحل الستينات والسبعينات نجده ينطبق على الوضع الحالى ، وما حدث منذ الثمانينات يتكرر حتى الان ، وربما تغيرت الوجوه ولكن السياسات لم تتغير ، ومساحة الحريات تقلصت كثيرا الآن والقصيدة منشورة فى جريدة قومية عام 2008 ولم يحدث شئ وقتها ، ولكن الآن توقفت عن كتابة مقالى بسبب المضايقات التى أتعرض لها الآن من رئيس التحرير ، برغم أننا فى عهد الثورة والحرية ، وكل من يتحدث عن مساحات الحرية هو كاذب .

* بمناسبة التراث ، تستعين ببعض الأبيات فى قصائدك من التراث . فكيف تنظر إليه ؟

التراث الشعبى والحفاظ عليه هو حفاظ على الهوية ، فألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية كان لديها مشروع لجمع تراثها ، فكان كل تلميذ يطلب من جده أو جدته أن يحكى له حكاية ويدونها ويذهب بها إلى المدرسة ، وفى ظل ما يشهده العالم من محاولة تسييد ثقافة واحدة يصبح الحفاظ على التراث هو الحفاظ على الوجود ، وعندما تريد التعرف على شعب لابد أن تعود إلى تراثه ، وربما يحتاج التراث لنوع من التنقية أو المسائلة ولكنه يظل دالا على هوية الشعب ، واللجوء إلى التراث هو عمل قومى ، وما أرجوه أن نهتم فى مدارسنا الحفاظ والتمسك بالتراث .

* فى قصيدة نبؤة هل كنت تستشف اسقاط نظام مبارك ؟

بالفعل كنت استشف هذا ، لأن ما كان يحدث فى السنوات العشر الأخيرة هو من أكبر الدلائل على تداعى الأنظمة ، فعندما يكون فاسدا وظالما وشعبه يعانى من الجهل والمرض والفقر ، وربما لا يعلم أو يعلم ويتغابى وهذا من تداعى الأنظمة وسقوطها ، وةكل ما يحدث الأن ينبئ بسقوط نظام الإخوان المسلمين .

* الجزأ الأول من الديوان كأنه رصد لأسباب قيام الثورة وما تلاها من أحداث ؟

تجربتى مع هذا الديوان يختلف عن تجربتى فى الكتابة فأنا ممن بدأوا فى أواخر الثمانينات بكتابة قصيدة النثر العامية ، ولكن هذا الديوان كانت قصائده معدة لتنشر بشكل يومى بجريدة المساء لذلك لجأت للبساطة والمباشرة ، وكانت تنشر تحت عنوان المسحراتى منذ 8 سنوات ، وكان أمامى شاعر ضخم جدا وهو فؤاد حداد لذلك حرصت على الابتعاد عن الكتابة على منواله لأنه محيط ضخم والاقتراب منه يساوى الغرق فى بحور الشعر ، فحاولت أن أبحث عن ايقاعات مختلفة ، والمسحراتى هو الذى ينبه الناس لما يعانيه واقعهم مشكلات ، وتعمدت نشر ما كتبته قبل الثورة مع ما كتبته بعدها ، لأثبت أن الأجيال السابقة عن الثورة كتبت وثارت مثل جيل الثورة حتى وإن كان عن طريق الكتابة فقط ، ليس لاثبات أننى وغيرى لعبنا دورا قبل الثورة .

* وهل لهذا نشعر فى بداية الديوان بيأس وفى منتصفه بفرحة ثم الإحباط فى نهايته ؟

هذا نوع من التركيب الدرامى فى الديوان لأننا فى بداية الثورة كنا متفائلين ، ولم تفشل لأنها خلعت نظاما مستبدا وكسرت حاجز الخوف لدى المصريين ، وهناك معارضة كبيرة الآن ، ولو تأملنا تاريخ الثورات ، لوجدنا أن الشعوب دفعت ثمن ثوراتها ، وحتى الانخداع فى حكومات أو أنظمة ، ظن الناس أنها ستكون أنظمة ديمقراطية ، والثورة المصرية كانت ثقافية بالمقام الأول وقامت ضد الاستبداد وكبت الحريات ، وهم يكررون الآن ما فعله النظام السابق بصورة أشد عنفا وقسوة .

* برغم إشارتك للأجيال السابقة إلا أن هناك اتهام يطاردهم بأن ثورتهم كانت على الورق فقط ؟

دائما هناك أدوار لكل فئة أو جماعة ، وهناك ناشطين سياسيين ، وكتاب ، والرفض يأخذ أشكالا عدة كبيان ، قصيدة ، عمل مسرحى ، أغنية ، أو فيلم ، ولم أنضم لأى حزب أو جماعة ، لأننى أرى أن الشاعر حر لا يلزم نفسه بأشياء لا تتوافق مع تركيبته أو إبداعه ، وبرغم هذا لا نستطيع أن ننكر الأدوار المتعددة التى لعبها الأدباء أو المفكرون أو الفنانون ، ونتيجة هذا التراكم حدثت الثورة ، ولولا التمهيد من خلال الكتابة أو الفن لم تقوم الثورة .

* كيف ترى الأعمال الشعرية التى كتبت تعبيرا عن الثورة ؟

هناك مجموعة من الدواوين من الصعب أن تضعها جميعا فى سلة واحدة وتصدر عليها حكما ، وحتى الديوان الواحد ستجد به قصائد جيدة وأخرى رديئة ومتعجلة ، والوقت لا يسمح بدرجة من التأمل للأعمال الجيدة والوقت أيضا لا يسمح باصدار حكم جامع مانع على هذه الأعمال ، وهناك قصائد فنيا فى غاية الرداءة ولكن فى وقتها كان لها دور هام ، ومن بينها النشيد القومى لمصر وهو فى غاية الرداءة ، ولكنها كانت فى سياقها قصيدة مهمة .

* برغم منافسة كتاب قصيدة العامية للألوان الشعرية الأخرى إلا أنه ليس مشهور منهم الآن سوى سيد حجاب ؟

فكرة من يتصدر المشهد لا أفهمها بهذه الصورة ، وربما يتصدر المشهد الإعلامى ، وحجاب شاعر عامية كبير ومهم وله مكانته ، ولكن مشكلتنا هى مشكلة إعلام ، والذى يصدر النجوم ويكرر نفس الوجوه ، وهناك عدة أجيال ظهرت بعد سيد حجاب ، كماجد يوسف ، محمد كشيك ، أشرف عامر ، وجيل مسعود شومان مجدى الجابرى ، يسرى حسان ، وجيل طارق هاشم ، سعدنى السلامونى ، وسلام الشهبانى ، وسعيد المصرى ، والعديد منهم أضاف للعامية اضافات هامة ، ولا يوجد شاعر يمكن أن ينفى أو يلغى شاعر أخر من الوجود ، وعندما ظهر فؤاد حداد لم يستطع إلغاء بيرم التونسى أو عبد الله النديم ، وعندما ظهر سيد حجاب والأبنودى لم يستطيعا أن يلغيا فؤاد قاعود وصلاح جاهين أو فؤاد حداد ، وكل شعر جيد وحقيقى سيبقى .

* إن كان الجمهور غائب عن المسرح ، فلمن تتوجه جريدة مسرحنا ؟

جريدة مسرحنا هى فى الغالب تتوجه للشباب ، فنحن لا نتوجه للنجوم ، ولا نجرى حوارات مع كتاب أو ممثلين من الأجيال السابقة ، وإنما نهتم بالجيل الجديد من الشاب وتحديدا المتواجدين بالأقاليم ، ونكتب عن عروض مسرحية تقام فى المدارس أو الجامعات أو الكنائس ، ونقدم لهم نصا كل أسبوع ، حتى نثبت أنه لا توجد أزمة نصوص كما يدعى البعض.

صدام كمال الدين
20 يونيو 2013
شاركه على جوجل بلس

عن صدام كمال الدين

    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك

0 التعليقات:

إرسال تعليق