![]() |
الدكتور زين عبد الهادى |
اختار الدكتور زين عبد الهادي دراسة المكتبات والمعلومات كتخصص علمي ، لكنه لم يستطع الابتعاد عن الإبداع ، خاصة في مجال الرواية، حيث أنتج روايات عدة من بينها المواسم، مرح الفئران، دماء أبوللو ، وأخيراً رواية أسد قصر النيل ، التي استطاع أن يجمع فيها ببراعة بين عالم المعلومات والانترنت والعديد من مشكلات المصريين قبل ثورة يناير، له العديد من الاصدارات العلمية في علم المكتبات، ويشغل الآن منصب رئيس مجلس إدارة الكتب المصرية .
* كيف ترى المشهد الثقافي الآن؟
المؤسسات الثقافية لم يحدث فيها تغيير يذكر بعد الثورة وتحتاج إلى إعادة هيكلة في ظل المتغيرات العالمية والمحلية، وأن تدار من خلال استراتيجيات واضحة من ناحية الشكل والمضمون والمنتج والتسويق، فمازلنا نخاطب الشارع في الوطن العربي، وهو غير معني بالثقافة من الأساس، لذلك نحتاج للتأكيد على دور الثقافة في داخل البيت والمدرسة قبل أن نتحدث عنها داخل المؤسسات الأعلى بشكل عام، وفي العهد السابق لم يكن هناك إرادة سياسية لتكون الثقافة جزءاً من البيت لتأتي النتيجة في النهاية أن عصر التنوير يهدر دمه .
* صناعة الثقافة متى يمكن أن تدر ربحاً على المثقف والمؤسسات الثقافية كما في البلدان المتقدمة؟
الأمر يحتاج إلى إدارة جيدة، غير موجودة في العالم العربي بأكمله، وهو ما يظهر بوضوح في تقارير التنمية، حيث نحتل مستويات متدنية منه، ولا يمكن العمل بسياسة رد الفعل أو حافة الهاوية، كما نحتاج إلى تطبيق صارم للقانون في ما يتعلق بالثقافة، حتى تحتضن الدولة كل المبدعين، وعلى القطاع الخاص أن يسهم في الإبداع بمستواه الثقافي والعلمي والفني .
* وكيف ترى صعود التيارات الإسلامية ووصولها للحكم، ومدى انعكاس هذا على حرية الإبداع والمبدعين؟
ليس لديّ أي تخوفات من صعود التيارات الإسلامية، فعلى مدار عقود طويلة عوملت هذه التيارات بشكل عنيف للغاية، وتم إيداع أفرادها في المعتقلات، وبالتالي ما يحدث الآن هو رد فعل لما حدث طوال السنوات الماضية، ولكن مع استتباب الأمن واستخدام القانون ستحدث مراجعات مستمرة من الجانبين، والإسلام الوسطي هو الحل للمجتمع المصري مع الابتعاد عن التطرف .
* البعض عاب عليك أن روايتك أسد قصر النيل تخلو من موضوع رئيس تدور حوله الأحداث؟
نحن جميعاً أبناء نجيب محفوظ وخرجنا من عباءته، وهناك روايات له لم يكن الحدث هو الأصل في الرواية وإنما المكان دائماً هو بؤرة الحكاية، تعاملت في الرواية مع عالمين هما العالم التقليدي وعالم المعلومات، ولست سعيداً بالروايات التي صدرت عن عالم المعلومات، لأنها في تواترها المعرفي والزمني لم تلاحق على الإطلاق ما يحدث في عالم المعلومات من أنشطة وعرض للعديد من القضايا، فيمكن للإنسان أن يصنع لنفسه على الإنترنت عشرات الحسابات، وفي كل حساب يتقدم بهوية مختلفة .
كتبت الرواية الكلاسيكية منذ عام 1995 وحتى عام 2007 مع صدور رواية ''دماء أبوللو''، أما رواية ''أسد قصر النيل'' فهي معالجة مختلفة على مستوى المكان والشكل الروائي، الذي يغوص إلى حد بعيد في عالم المعلومات، لذلك كان يجب أن أستغل تدريسي لعلم المعلومات في كتابتي لهذه الرواية، والرواية إلى حد ما مزعجة، لأنها لا تحتاج إلى قارئ يبحث عن تسلية وإنما قارئ يشاركني نفس الألم الذي جرى على المصريين عبر العقود الماضية .
* أحداث الرواية غير مرتبة وهناك نقلات سردية كثيرة من موضوع إلى آخر، ألا تجد أن هذا مرهق للقارئ ولك ككاتب؟
استغرقت خمس سنوات في كتابة الرواية وتوقفت عن كتابة أي عمل آخر في هذه الفترة، وكنت متعايشاً مع كل ما يحدث في مصر من فوضى، فالمجتمع المصري بأكمله لم يكن لديه يقين في أي تصريح أو خطاب سياسي موجه له، لأنه فقد اليقين في أي شخصية واختياره للإسلاميين على أساس أنه تيار جديد يمكن أن يحقق مسألة التأكد أو اليقين، ومع مرور الوقت سيكتشفون حقيقة اختيارهم هذا، ومن ناحية أخرى الوضع في مصر خلال السنوات الستين الماضية كان عبارة عن مجموعة من الفوضى المتراكمة التي أصابت المصريين جميعاً بالأمراض والفقر والتراجع في كل مؤشرات التنمية، لم أكن أستطيع أن أعبر عن هذه الحالة في ظل المجتمع الآخر الذي تحدثت عنه، وهو مجتمع المعلومات برواية كلاسيكية .
* هناك أرقام متضاربة عن عدد الكتب التي كانت في داخل المجمع العلمي قبل احتراقه، فما عددها بالضبط؟
لدينا 41 ألف عنوان في 191 ألف مجلد، وكل عنوان يضم أجزاء عدة ككتاب ''وصف مصر''، الذي يحتوي على 26 جزءاً، واحترق منها 140 ألف مجلد ولم يتبق لدينا سوى 45 ألف مجلد منها 25 ألف مجلد سليم سيتم تسليمها للمقر المؤقت الجديد للمجمع العلمي و20 ألف مجلد سنقوم بترميمها، وهناك جزء لن نستطيع أن نرممه، لأن حالته سيئة جداً، لذلك سنقوم بعمل معرض لهذا الحريق في دار الكتب، وقمت بمخاطبة مكتبة الكونغرس الأمريكية والتقيت برئيس المكتبة الفرنسية لدراسة كيفية تعويض المجموعة التي احترقت بالكامل، هذا إضافة إلى منحة صاحب السمو الشيخ سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، لتوفير 17 ألف مجلد من مكتبته الخاصة إلى المجمع العلمي، ومنحته الخاصة بإعادة بناء مبنى جديد في مدينة 6 أكتوبر ومتعدد الطوابق وإعادة ترميم مبنى المجمع العلمي .
* كم ستستغرق عملية ترميم المجلدات القابلة للترميم؟
من 10 إلى 15 عاماً وقد تتكلف 100 مليون دولار، ولا نستطيع بمواردنا البسيطة أن نقوم بهذا العمل، وإنما نعتمد في هذه المسألة على منح قد تأتينا، إضافة إلى جهود العاملين نحاول أن نقدم دوراً ساعدتنا فيه وزارة المالية ب 7 ملايين جنيه لمصلحة هذه العملية .
صدام كمال الدين
27/03/2012
0 التعليقات:
إرسال تعليق