أشرف الخمايسى |
الخمايسى يكتب القصة والرواية ، صدر له من قبل " السكَّاتة " مجموعة قصصية للأطفال , " الفرس ليس حرا " مجموعة قصصية , " الصنم " رواية , و" الجبريلية " مجموعة قصصية ، ومؤخرا رواية منافى الرب .
* ما شعورك بعد وصول روايتك " منافى الرب " للقائمة الطويلة لجائزة البوكر العربية ؟ وبرأيك ما هى أهمية الجوائز للمبدع ؟
سعيد بالجائزة جدا ، الجوائز وخاصة إن كانت مهمة توفر على المبدع مسافات زمنية طويلة فى سبيل تعريف القارئ بإبداعه ، فمنافى الرب نشرت منذ عام تقريبا وطبعت مرتين فقط ، وبعد وصولها للقائمة الطويلة للبوكر أعيد طبعها ثلاث مرات ، كما أن ترجمة العمل للغات أجنبية يعتبر شئ جيد ، لأن الإنجاز الحقيقى عندما يطلب القارئ الغربى عملى باسمه .
* وما السبب الحقيقى الذى يجعل القارئ يتعرف على بعض المبدعين من خلال الجوائز فقط ؟
المشكلة تكمن فى المنتج الثقافى بالأساس ، ووزارة الثقافة يجب ألا أعول عليها كثيرا ، لأنه فى البلاد المتقدمة لا توجد وزارة مسئولة عن المثقفين ، فالمبدع إن أنتج أدب حقيقى سيفرض نفسه على الجميع ، أما موضوع الشللية ليس عائقا أما الإبداع الجيد ، والواقع الثقافى به انبطاح للثقافات الغربية لدرجة أننا نحاول تقليده ولا نكتب أنفسنا ، وبعد أن كنت لفترة كبيرة بعيدا عن الحياة الثقافية منذ عام 2000 ، أستطيع أن أقول أننى مررت بهذه التجربة ، ففى بداياتى وأثناء إنعقاد مؤتمر أدبى بالأقصر قرأت قصة كتبتها وكان من بين الحضور الكاتب جمال الغيطانى والذى طلبها منى كى ينشرها بجريدة أخبار الأدب ، ثم قدمتها لمسابقة أدبية ففازت بالمركز الأول ، لذلك أؤكد على مقولة أن الأدب الحقيقة يفرض نفسه على القارئ .
* هل كان لديك أزمة فى صياغة الحوار بين الشخصيات من حيث كونها عامية أو فصحى ؟
البعض يعتقد أن الحوار كان به ألفاظ عامية ، وهذا ليس صحيحا ، فلهجة البدو أصلها فصحى ،كما أن العمل يفرض على لعدة أسباب أن يكون الحوار مكتوب بالفصحى ، لأننى أتكلم عن حكمة وفلسفة .
* ولماذا أنت مغرم بالوصف والتفاصيل ؟
استمتع بأن اترك نفسى للعمل يقودنى فى العديد من أعمالى ، وأما بالنسبة للوصف فلم أغرق فيه لدرجة إخراج القارئ من جو الرواية ، لأنه أمتعه وبالتالى أفاد العمل .
* هناك العديد من النقلات السردية فى الزمن بالرواية ، ألا تجد أن هذا مرهق للقارئ ؟
ولى أنا ككاتب ، ولكن الرواية هى التى تختار قارئها المثابر والمحب للقراءة ، والحكى امتاز بالتقديم الهادئ والبطئ للأحداث ، عن طريق الدخول والخروج عبر الأزمنة ، لذلك أخذت منى مجهود كبير فى التركيز حتى لا تتداخل الأحداث والأزمنة ببعضها البعض .
* ولكن فى عصر السرعة ألم تخش من هروب القارئ بسبب هذا الرتم البطئ ؟
شخصيتى ككاتب غير قابلة للتطويع ومتمردة على الواقع ، وهذا العصر السريع يجب أن يتوقف قليلا ، إلى جانب هذا فى بداية الرواية أقدم لوحات بديعة تشد القارئ لها ، ومن بعدها لن يستطيع الفكاك منها حتى يصل لأخر صفحة من الرواية .
* ولماذا تلجأ للسخرية فى بعض مقاطع الرواية ؟
لأننا نحن شعب يعشق السخرية ، وبعض المواقف فى الرواية حدثت أمامى فى الواقع ، كالحوار الذى يدور بين بعض الشخصيات فى المسجد .
* ما رأيك إن قلنا أن منافى الرب هى رواية عن الموت ؟
هذا حقيقى ، ولكن السؤال هنا هى عن الموت لماذا ؟ أمن أجل الموت فقط ؟ أم أن هناك أشياء أخرى ؟ ، الرواية تتناول الموت من أجل الحياة ، وأفلسف هذه القصة لأخبر القارئ أن يعيش حياته جيدا ، وحجيزى فى اهتمامه بقضية الموت وفناء الجسد كان يعبر عن جزء من تفكيرى ، لذلك كان لابد أن يخرج حجازى على الورق حتى اتخلص من فكرة الموت بداخلى ، أو كما يقول البعض " التطهير الداخلى " ، ولذلك وعدته بأن أخلده من خلال الحكاية وهو ما حدث .
* وما سر اهتمامك بالتاريخ وهو الجانب الخاص باحتلال الأتراك ، المماليك ، الإنجليز لمصر ؟
بالرواية ثلاث شخصيات محورية هم حجيزى ، غنيمة ، سعدون ، وكل منهم جزء من أشرف الخمايسى ، فسعدون الذى يعشق زوجته جدا ويحب الضحك ، وغنيمة الذى يمثل المثقف ، وحجيزى المهموم بالموت والبحث عن الخلود ، وأرى أن التاريخ ليس بالنبل أو السمو كما ننظر له ، ويثبت لنا كل ما يحدث، بانه مكتوب بعكس ما كان موجود ، لذلك لن أهتم بأحداث كتبت لصالح سلطة أو قوى معينة ، لذلك أخذت من التاريخ ما يفيدنى إنسانيا ، فالقضية الكبرى التى تبقى هى الإنسان ، والتاريخ هو مجرد عامل متغير لذلك لا يهمنى كثيرا .
* هل معنى هذا أنك من الداعين لإعادة كتابة تاريخنا ؟
التاريخ لا نستطيع كتابته مرة أخرى ، لذلك يجب علينا أن ننظر لمستقبلنا ولا نركن كثيرا على التاريخ ، والفكرة الأهم أن ننظر بنظرة جديدة للفقه الدينى ، فالخطاب الدينى القديم لا يصلح لهذا العصر ، لأن القداسة ليست للفقه بل لمعطيات النص ، لدرجة أننا نعمل بالأية القرآنية التى تقول " إن وجدنا أبائنا " ، أو كما يقول البعض من أنكر ما هو معلوم بالضرورة فقد كفر وهو ما يمنعنا ويحذرنا من التفكير وإعمال العقل فيما وجدنا أبائنا عليه قائمون .
* تقول فى الرواية " الحكم يا حجيزى له شهوة " . فهل هذا ما يحدث فى مصر الآن ؟
بالطبع ، هذا ما يحدث فى مصر وكل البلاد الديكتاتورية ، فوراء أى شعار هناك شهوة ، كما فعل الإخوان من استغلال للدين ارضاء لشهوة الحكم ، وكذلك ما يفعله العسكر ، وما أعيبه عليهم هو استخدامهم لشعارات غير حقيقية للوصول إلى الحكم .
* أظهرت بأن هناك جانب خفى من صراع / كراهية بين المسلمين والمسيحيين بعكس ما يقال بأن هناك وحدة وطنية ؟
التعايش بين المسلمين والمسيحيين لا يوجد فيه مشكلة ، ولا يتخلفوا عن بعض فى أى ظرف سواء فرح أو حزن ، ولكن المشكلة الحقيقية هى فى استعانة السلطة بالدين ، وهذا ما يحدث فى مصر منذ 7000 سنة ، والمؤسسات الدينية تحولت لمجرد أداة فى أيدى السلطة الحاكمة ، ولا يوجد فى مصر فتنة طائفية حقيقية ، ولكن يوجد متطرفين من الجانبين فقط .
* تتطرق فى الرواية للعديد من الأسئلة الوجودية كالموت ، الحياة ، والله . فلماذا أنت مهتم بهذا ؟
المبدع سيهتم بماذا إن لم يفكر فى هذه الأسئلة ؟ ومحاولة الإجابة عنها .
* خلال أحداث الرواية أنت مغرم بما يحدث بين الزوجين فى حجرة النوم . لماذا كل هذا الاهتمام والوصف ؟
الجنس فى حد ذاته كفكرة هو شئ محورى بحياتنا ، وبنظرية أجنحة الفراشة نستطيع أن نقول مشكلة السلطة الحاكمة هى بالأساس مشكلة " سرير " ، واكتشاف الأطفال فى الرواية لهذا مبكرا أو صدمتهم فيه فربما يكون إنعكاس من اللاوعى لدى أو حدث معى فى طفولتى ، والجنس هو الناحية الأخرى للموت ، والذى يمثل الحياة ، وشئ لا يجب أن نخجل منه ، ولكننى بالطبع أنا ضد الإغراق فيه ، وجعله محور الكتابة ، وهناك بعض الألفاظ فى الرواية التى ربما يعتقد البعض أنها خارجة وهو غير حقيقى بالمرة ، لأن السبب الرئيسى فى العديد من مشاكل مجتمعنا هو عدم ممارستهم للجنس مع زوجاتهم بطريقة سليمة او حقيقية وخلوها من الحب ، حيث يتحول فى معظمه إلى فعل روتينى .
* ألا تعتقد أن حجيزى بالغ فى السخرية من المسيح وأتباعه " الرهاب " ؟
حجيزى لم يسخر وإنما سعدون ، وهذا فكر موجود فى الحقيقة حيث عدم فهم كلا الجانبين لديانة الأخر ، وحجيزى صدم عندما خرج واتبع الراهب يوأناس ، وفوجئ أن ما ذهب من أجل تحقيقه وهو حفظ جسده بعد الموت ، وجد أن الراهب يعمل على إفناء جسده وهو مازال على قيد الحياة ، لذلك انسحب حجيزى وعاد مرة أخرى لحياته الطبيعية .
* أحد شخصياتك تقول أن المرأة دائما وراء مصائبكم . ومن خلال الأحداث أشعر أنك تؤكد على هذا ؟
ذكرت هذا ولكننى لا أؤكده ، والراهب يريد أن يعطى مبرر لحالة الموات التى يعيش فيها ،وقال لو وجدنا نساء تحبنا لم نكن وصلنا لمنافى الرب ، وأيضا شخصية المعزى فى نهاية الرواية الذى جاء وخلفه امرأة والبعض يعتقد أن هذه الشخصية مستوحاة من المسيحية ، ولكننى قصدت بها النبى محمد صلى الله عليه وسلم ، ومن كانت خلفه هى السيدة عائشة ، التى قال عنها أنها حبيبته وأنه لم يكن من الممكن أن يكمل رسالته بدون امرأة يحبها ، وانحيازنا للمرأة الحبيبة هى التى ستبعدنا عن منافى الرب .
* برأيك هل خلقنا الله لنحب الحياة أم لنفكر فى الأخرة ؟
الله خلقنا للحياة ، والأخرة عبارة عن فرملة لنا كى نمارس الحياة بشكل منضبط ، والبشر ليسوا مجموعة من القديسين ، لذلك الأخرة هى الضابط لحياتنا كبشر ، وأدم خرج من الجنة ونزل للأرض بجنته الخاصة به وهى حواء زوجته ، والإنسان كائن عظيم وليس مطلوبا منه أن يعيش باستمرار فى حالة ذل وإنكسار .
* ما فعله الراهب يوأناس من قتله لسيرين باسم الرب ، يذكرنى بما تفعله التيارات الإسلامية الآن . فهل هذا إسقاط منك على الواقع ؟
الفترة التى يمر بها الإسلام الآن ، مرت بها المسيحية فى بدايتها من اضطهاد للآخرين والقتل باسم الله ، واسقاطاتى على المعتقدات الدينية الخاطئة عبر التاريخ كله ، ولا أقصد به دين بعينه ، والتى تؤدى إلى تصنيف الأخرين بحسب دينهم ، وأيضا فهمنا الخاطئ للدين وتفسيره ، لذلك يجب عليهم أنهم يجب أن يفهموا الدين بطريقة سليمة وصحيحة .
* تكتب القصة والرواية . أيهم أقرب لك ؟
الرواية ، لأنه يوجد بها براح وتحدى وتنشئ عالم خاص بك ، أما القصة القصيرة فهى ومضة تنتهى سريعا ، والرواية بها كل ما يستفز إمكانيات الكاتب .
* ما هى حكاية انضمامك لحزب الحرية والعدالة وإنسحابك منه بعد شهرين ؟
انسحبت منه بعد شهر واحد ، لأننى من المؤمنين بأن الثقافة يجب أن تصل للناس فى الشارع ، ففكرت أن يتحمل معى هذا العبء حزب ، وكان وقتها بعد الثورة فاخترت حزب الحرية والعدالة لأنه من الأحزاب الجديدة والقوية لذلك لجأت له ، برغم عدم انتمائى لجماعة الإخوان المسلمين ، وبعد إلحاح منى انشأنا لجنة ثقافية ومسابقة عن يحيى الطاهر عبد الله ، وهو ما تم رفضه لأنهم أرادوا شعراء يمشون حسب رغبتهم ، وهو ما جعلنى افكر فى الإنسحاب من الحزب ، ولكن ما جعلنى أقطع علاقتى بهم هو استقبالهم لوفد من السفارة الأمريكية قبل انتخابات مجلس الشعب ، وهو معناه انتظارهم للمباركة الأمريكية كى يخوضوا الانتخابات ، لذلك أرسلت لهم استقالتى فورا .
صدام كمال الدين
0 التعليقات:
إرسال تعليق