نور عبد المجيد: المجتمع السعودي يكتب بجرأة عن كل خفاياه


نور عبد المجيد
ترى الروائية نور عبد المجيد أن المجتمع السعودي اليوم يكتب بجرأة عن كل خفاياه وهذا هو الطريق الصحيح ، وتؤكد أنه ما عاد على الأرض شئ مسكوت عنه ولكن هناك أشياء نتجاهلها عمدا وحماقة ، كما أنها ترفض تعبير " الكتابة النسوية " أو " أدب المرأة " ، لأن الكاتب الناجح يبقى ويفرض نفسه ، والكاتب المدعي المتسلق يموت رجلا كان أو امرأة .


نور عبد المجيد كاتبة وروائية سعودية، شغلت منصب مسئولة تحرير مجلّة «مدى» السعودية ، صدر لها العديد من الرويات منها الحرمان الكبير ، رغم الفراق ، أنا شهيرة ، أنا الخائن ، أريد رجلا ، ومؤخرا صولو .

* المدينة تلتهم الإنسان من خلال صراعاتها وتعقيداتها . هل هذا ما قصدته من روايتك صولو ؟

ما قصدته ليس تغيرات المدينة أو تعقيداتها ، ما تحدثت و أتحدث عنه في جميع رواياتي هو الانسان نفسه ، آماله ، عذاباته ، صراعات نفسه ، وكيف تنتصب لتكون معه او تكون عليه .

وفي صولو هناك فكرة رئيسية قدمتها في جملة على لسان أحد البطلات وهي تحتضر ، عندما قالت قالت: "الألم دنئ يضرب أول ضرباته ، إن نحن حاربناه هرب ، وإن استسلمنا ضرب هو في كل الاتجاهات دون رحمة ، الأقدار نفسها لا تساعد الضعفاء " .

* وهل للريف معنى يختلف لديك عما تعبر عنه المدينة ؟

ربما كان الريف بأجواءه الأكثر نقاء ، وأناسه الأكثر بساطة مكان اقدر على الهدوء و التأمل ، وقد يكون أن الريف طالته أنامل المدينة بشراستها و أطماعها لكن مازلت دوما أتوسم فيه بعض من الرحمة ، فالعبث بمشاعره و فطرته مازال أقل أو هكذا أتمنى .

* الصراع النفسى للشخصية القادمة من الريف إلى المدينة تناوله العديد من الكتاب المصريين فى أعمالهم . ألم تخش أن توضعى فى مقارنة مع كتاباتهم ؟

في صولو هناك شخصيات خرجت إلى الغرب و عادت ، وهناك شخصيات خرجت من الصعيد ولم تعد ، وهناك شخصيات بعد عودتها الى الوطن أثرت العودة الى الغربة لانها وجدتها بها ارحم ، لكن ان حدث وتمت المقارنة ما الخطأ ، فكل كاتب يكتب ما يؤمن به و مايراه ، والقارئ يختار ما يقره عقله و ماهو إلى قلبه وضميره أقرب ، ليس في الأدب ثوابت ، هو خلاصة تجارب طرف واختيار طرف اخر واستمتاعه .

* لغة الرواية حالمة وتقترب أحيانا من الشعر ، لماذا ؟ وهل مازال صوت الشاعرة بداخلك نابضا ؟

لست شاعرة وليتني أكون ، أن تصنف لغتي بأنها تقترب من الشعر هو شرف كبير أن أناله ، أن يقول مفكر كبير مثل الدكتور جلال أمين أن هناك أجزاء في صولو كأنها عزف لقطعة موسيقية هو شرف اخر أتمناه .


وأن يشعر من يقرأ الرواية ان لغتها شعر وحروفها موسيقى فهذا يعني انها لمست قلبه ، وهل هناك قلب لا يهفو للشعر والموسيقى ؟ .

* الحب ، الحزن ، الخيانة . معانى تركزين عليها فى رواية صولو وأعمالك الأخرى . فهل هذا هو واقع الحياة ؟

هذا هو الانسان الذي حدثتك عنه ، أطعمه حب يمنحك طاقة ، أغسل صدره بالحزن يتنفس حكمة ، ان جازيته خيانة توقع الضياع ، والحب هنا ليس حب رجل و امرأة و لا الخيانة خيانة أجساد .

الحب عدل ، تقدير ، اعتراف بوجود الانسان و دوره و إنسانيته ، والخيانة قد تكون ظلم ، أو تصغير من شأنه ، كلها خيانات لأجمل ما خلق الله ، وهو الانسان .

* العديد من أبطال أعمالك يحدث لهم " شرخ داخلى " كما فى روايات أنا شهيرة ، أنا الخائن ، وأريد رجلا ، ومؤخرا صولو . فمن يتسبب فى هذا الشرخ ؟ وهل هى العوامل المحيطة أم الإنسان ذاته ؟

و من منا لم يحدث له شرخ أو هزة في حياته ، الشرخ ليس هو القضية ، القضية هي كيف تتعامل انت مع الشرخ ، أن تقف من جديد أو تكتفي بالسقوط والبكاء هو القضية ، ودور الأدب أن ينير أمامك الطريق ، ويضع أمام أرواح جريحة تحارب تعلمها كيف تنهض من جديد .

* ولماذا أنت مغرمة باكتشاف خفايا النفس البشرية كما فى ثنائيتى أنا شهيرة ، أنا الخائن ؟

وهل هناك على الأرض ما هو أجّل من الانسان الذي سخر الله له ما في الأرض ، أن تعرف خفايا النفس هو أن تضع يدك على أول طريق النقاء والحياة .

* تمتاز معظم أعمالك الروائية بالطول إلى حد ما ، وفى عصر السرعة هل تعتقدى أن هذا النوع من الأعمال يجد إقبال من القراء ؟

ليست طويلة ، هي رواية وللرواية تفاصيل إن خلت منها ما شعرت انت كقارئ ولا تلذذت بها ، وهناك قراء كثيرون مع الإعلان عن صدور كل رواية يقولون ليتها طويلة لتطول رحلتنا معك ومعها ، ثم متى كان الامر يقاس بالحجم و الطول ..

هناك قصص سيدي لا يتجاوز عدد أوراقها الخمسين صفحة و تعجز عن إنهائها وهناك روايات لها عشرات الأجزاء و ينتظر الناس صدورها بكل اللهفة والحب ، والمهم هو ماذا تقرأ و كيف تمت كتابته لا في كم سطر كان او حرف .

* ما نخشاه قد يحدث ، هل هذا ما قصدته من تكرار الخيانة مع أمينة مثلما حدث لوالدتها حيث خانها زوجها فى رواية أريد رجلا ؟

في "اريد رجلا" أردت أن أقول أن التاريخ يعيد نفسه أحيانا أان من سقى سواه كأس ظلم أو ألم قد يأتي من يسقيه له و لو بعد حين .


* ظهرت على الساحة الثقافية أسماء أدباء سعوديين ثم ما لبثت أن بدأت تختفى مرة أخرى . برأيك لماذا ؟

ليست قضية سعوديين بالتحديد ، القضية قضية كاتب يكتب اسمه في رأس و قلب قارئ فيحيا وكاتب اخر لا يعرف كيف يفعلها فيموت هو واسمه من قائمة الأدب والأدباء .

* وكيف ترين المشهد الثقافى السعودى الآن ؟ وهل يعانى من المسكوت عنه / التقاليد بداخل المجتمع ؟

ما عاد على الأرض شئ مسكوت عنه ولكن هناك أشياء نتجاهلها عمدا وحماقة ، المجتمع السعودي اليوم يكتب بجرأة عن كل خفاياه وهذا هو الطريق الصحيح .

* وماذا عن المشهد الثقافى المصرى بعد 30 يونيو ، هل تغير عما كان قبله ؟

كل شئ تغير عما قبله لكن مازلت أرى أن الرؤية بعد لم تتضح ، نحن الآن ننتظر حصاد ما فعلناه وبإذن الله خيرا يكون.

* الثورة كانت الحل لأبطال روايتك " أحلام ممنوعة " ، برأيك متى يظهر الأدب المعبر عن ثورات الربيع العربى ؟

ليس الان ، مازال التاريخ يكمل رسالته ، ومازالت هناك أعمال بجب أن تكتب في ثورات الربيع العربي اكثر نضجا واكتمالا من كل ماكتب ، وفي احلام ممنوعة انا لم اكتب عن الثورة ، أنا كتبت عن قصة شعب كان يجب أن ينتهي به الأمر إلى ثورة .

* تميلين فى معظم أعمالك إلى الرومانسية ، فهل هذا تأثير الكاتب على إبداعه ؟ وألا تخشى من مقولة أن زمن الرومانسية انتهى والمتجسد فى أعمال إحسان عبد القدوس ، ويوسف السباعى ؟

الرومانسية ليست تهمة ، غاندي ، جيفارا وكل رجال الثورات والمبادئ في صدورهم قلوب حملت الحب والحلم ، وإحسان و السباعي باقون والرومانسية ستبقى لأننا بالقلب نحيا ، والقلب لا يحيا إلا بالحب و الحلم.

* بدأت شاعرة ثم اتجهت إلى كتابة الرواية ، فهل وجدت أن الشعر لم يستطع التعبير عن أفكارك ؟ أم لأننا فى زمن الرواية كما يقول الدكتور جابر عصفور ؟


كما قلت لم أكن شاعرة وليتني اكون، "وعادت سندريلا حافية القدمين " كان مجموعة مقالاتي في مجلتي "مدى "و"روتانا" و بعض القطع النثرية التي قدمها الشاعر الكبير فاروق جويدة ولهذا أطلق عليه ديوان شعر ، الرواية هي حقلي وإلا ما اصبح لي تسعة روايات ، فالطفل لا يغفو إلا على قصة والعقل على الرواية يصحو .

* ما رأيك فى مصطلح الكتابة النسوية ؟ وفى الفترة الأخيرة هل استطاعت المرأة أن تعبر عن ذاتها بوضوح أكثر ؟

أرفض تعبير " الكتابة النسوية " أو " أدب المرأة " ، الكاتب الناجح يبقى و يفرض نفسه والكاتب المدعي المتسلق يموت رجلا كان أو امرأة .

المرأة دوما عن ذاتها تعبر منذ بدأ الخليفة ، عناقها تعبير ، بكائها وغنائها تعابير قد يعجز عنها الرجل ، ربما اختلفت أدواتها ، أصبحت تلقي الخطب و تكتب الأشعار وتغزل الروايات لكنها دوما تعبر وستبقى ليبقى الحب على الأرض .


صدام كمال الدين
شاركه على جوجل بلس

عن صدام كمال الدين

    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك

0 التعليقات:

إرسال تعليق