![]() |
نور عبد المجيد |
نور عبد المجيد كاتبة وروائية سعودية، شغلت منصب مسئولة تحرير مجلّة «مدى» السعودية ، صدر لها العديد من الرويات منها الحرمان الكبير ، رغم الفراق ، أنا شهيرة ، أنا الخائن ، أريد رجلا ، ومؤخرا صولو .
* المدينة تلتهم الإنسان من خلال صراعاتها وتعقيداتها . هل هذا ما قصدته من روايتك صولو ؟
ما قصدته ليس تغيرات المدينة أو تعقيداتها ، ما تحدثت و أتحدث عنه في جميع رواياتي هو الانسان نفسه ، آماله ، عذاباته ، صراعات نفسه ، وكيف تنتصب لتكون معه او تكون عليه .
وفي صولو هناك فكرة رئيسية قدمتها في جملة على لسان أحد البطلات وهي تحتضر ، عندما قالت قالت: "الألم دنئ يضرب أول ضرباته ، إن نحن حاربناه هرب ، وإن استسلمنا ضرب هو في كل الاتجاهات دون رحمة ، الأقدار نفسها لا تساعد الضعفاء " .
* وهل للريف معنى يختلف لديك عما تعبر عنه المدينة ؟
ربما كان الريف بأجواءه الأكثر نقاء ، وأناسه الأكثر بساطة مكان اقدر على الهدوء و التأمل ، وقد يكون أن الريف طالته أنامل المدينة بشراستها و أطماعها لكن مازلت دوما أتوسم فيه بعض من الرحمة ، فالعبث بمشاعره و فطرته مازال أقل أو هكذا أتمنى .
* الصراع النفسى للشخصية القادمة من الريف إلى المدينة تناوله العديد من الكتاب المصريين فى أعمالهم . ألم تخش أن توضعى فى مقارنة مع كتاباتهم ؟
في صولو هناك شخصيات خرجت إلى الغرب و عادت ، وهناك شخصيات خرجت من الصعيد ولم تعد ، وهناك شخصيات بعد عودتها الى الوطن أثرت العودة الى الغربة لانها وجدتها بها ارحم ، لكن ان حدث وتمت المقارنة ما الخطأ ، فكل كاتب يكتب ما يؤمن به و مايراه ، والقارئ يختار ما يقره عقله و ماهو إلى قلبه وضميره أقرب ، ليس في الأدب ثوابت ، هو خلاصة تجارب طرف واختيار طرف اخر واستمتاعه .
* لغة الرواية حالمة وتقترب أحيانا من الشعر ، لماذا ؟ وهل مازال صوت الشاعرة بداخلك نابضا ؟
لست شاعرة وليتني أكون ، أن تصنف لغتي بأنها تقترب من الشعر هو شرف كبير أن أناله ، أن يقول مفكر كبير مثل الدكتور جلال أمين أن هناك أجزاء في صولو كأنها عزف لقطعة موسيقية هو شرف اخر أتمناه .
وأن يشعر من يقرأ الرواية ان لغتها شعر وحروفها موسيقى فهذا يعني انها لمست قلبه ، وهل هناك قلب لا يهفو للشعر والموسيقى ؟ .
* الحب ، الحزن ، الخيانة . معانى تركزين عليها فى رواية صولو وأعمالك الأخرى . فهل هذا هو واقع الحياة ؟
هذا هو الانسان الذي حدثتك عنه ، أطعمه حب يمنحك طاقة ، أغسل صدره بالحزن يتنفس حكمة ، ان جازيته خيانة توقع الضياع ، والحب هنا ليس حب رجل و امرأة و لا الخيانة خيانة أجساد .
الحب عدل ، تقدير ، اعتراف بوجود الانسان و دوره و إنسانيته ، والخيانة قد تكون ظلم ، أو تصغير من شأنه ، كلها خيانات لأجمل ما خلق الله ، وهو الانسان .
* العديد من أبطال أعمالك يحدث لهم " شرخ داخلى " كما فى روايات أنا شهيرة ، أنا الخائن ، وأريد رجلا ، ومؤخرا صولو . فمن يتسبب فى هذا الشرخ ؟ وهل هى العوامل المحيطة أم الإنسان ذاته ؟
و من منا لم يحدث له شرخ أو هزة في حياته ، الشرخ ليس هو القضية ، القضية هي كيف تتعامل انت مع الشرخ ، أن تقف من جديد أو تكتفي بالسقوط والبكاء هو القضية ، ودور الأدب أن ينير أمامك الطريق ، ويضع أمام أرواح جريحة تحارب تعلمها كيف تنهض من جديد .
* ولماذا أنت مغرمة باكتشاف خفايا النفس البشرية كما فى ثنائيتى أنا شهيرة ، أنا الخائن ؟
وهل هناك على الأرض ما هو أجّل من الانسان الذي سخر الله له ما في الأرض ، أن تعرف خفايا النفس هو أن تضع يدك على أول طريق النقاء والحياة .
* تمتاز معظم أعمالك الروائية بالطول إلى حد ما ، وفى عصر السرعة هل تعتقدى أن هذا النوع من الأعمال يجد إقبال من القراء ؟
ليست طويلة ، هي رواية وللرواية تفاصيل إن خلت منها ما شعرت انت كقارئ ولا تلذذت بها ، وهناك قراء كثيرون مع الإعلان عن صدور كل رواية يقولون ليتها طويلة لتطول رحلتنا معك ومعها ، ثم متى كان الامر يقاس بالحجم و الطول ..
هناك قصص سيدي لا يتجاوز عدد أوراقها الخمسين صفحة و تعجز عن إنهائها وهناك روايات لها عشرات الأجزاء و ينتظر الناس صدورها بكل اللهفة والحب ، والمهم هو ماذا تقرأ و كيف تمت كتابته لا في كم سطر كان او حرف .
* ما نخشاه قد يحدث ، هل هذا ما قصدته من تكرار الخيانة مع أمينة مثلما حدث لوالدتها حيث خانها زوجها فى رواية أريد رجلا ؟
في "اريد رجلا" أردت أن أقول أن التاريخ يعيد نفسه أحيانا أان من سقى سواه كأس ظلم أو ألم قد يأتي من يسقيه له و لو بعد حين .
* ظهرت على الساحة الثقافية أسماء أدباء سعوديين ثم ما لبثت أن بدأت تختفى مرة أخرى . برأيك لماذا ؟
ليست قضية سعوديين بالتحديد ، القضية قضية كاتب يكتب اسمه في رأس و قلب قارئ فيحيا وكاتب اخر لا يعرف كيف يفعلها فيموت هو واسمه من قائمة الأدب والأدباء .
* وكيف ترين المشهد الثقافى السعودى الآن ؟ وهل يعانى من المسكوت عنه / التقاليد بداخل المجتمع ؟
ما عاد على الأرض شئ مسكوت عنه ولكن هناك أشياء نتجاهلها عمدا وحماقة ، المجتمع السعودي اليوم يكتب بجرأة عن كل خفاياه وهذا هو الطريق الصحيح .
* وماذا عن المشهد الثقافى المصرى بعد 30 يونيو ، هل تغير عما كان قبله ؟
كل شئ تغير عما قبله لكن مازلت أرى أن الرؤية بعد لم تتضح ، نحن الآن ننتظر حصاد ما فعلناه وبإذن الله خيرا يكون.
* الثورة كانت الحل لأبطال روايتك " أحلام ممنوعة " ، برأيك متى يظهر الأدب المعبر عن ثورات الربيع العربى ؟
ليس الان ، مازال التاريخ يكمل رسالته ، ومازالت هناك أعمال بجب أن تكتب في ثورات الربيع العربي اكثر نضجا واكتمالا من كل ماكتب ، وفي احلام ممنوعة انا لم اكتب عن الثورة ، أنا كتبت عن قصة شعب كان يجب أن ينتهي به الأمر إلى ثورة .
* تميلين فى معظم أعمالك إلى الرومانسية ، فهل هذا تأثير الكاتب على إبداعه ؟ وألا تخشى من مقولة أن زمن الرومانسية انتهى والمتجسد فى أعمال إحسان عبد القدوس ، ويوسف السباعى ؟
الرومانسية ليست تهمة ، غاندي ، جيفارا وكل رجال الثورات والمبادئ في صدورهم قلوب حملت الحب والحلم ، وإحسان و السباعي باقون والرومانسية ستبقى لأننا بالقلب نحيا ، والقلب لا يحيا إلا بالحب و الحلم.
* بدأت شاعرة ثم اتجهت إلى كتابة الرواية ، فهل وجدت أن الشعر لم يستطع التعبير عن أفكارك ؟ أم لأننا فى زمن الرواية كما يقول الدكتور جابر عصفور ؟
كما قلت لم أكن شاعرة وليتني اكون، "وعادت سندريلا حافية القدمين " كان مجموعة مقالاتي في مجلتي "مدى "و"روتانا" و بعض القطع النثرية التي قدمها الشاعر الكبير فاروق جويدة ولهذا أطلق عليه ديوان شعر ، الرواية هي حقلي وإلا ما اصبح لي تسعة روايات ، فالطفل لا يغفو إلا على قصة والعقل على الرواية يصحو .
* ما رأيك فى مصطلح الكتابة النسوية ؟ وفى الفترة الأخيرة هل استطاعت المرأة أن تعبر عن ذاتها بوضوح أكثر ؟
أرفض تعبير " الكتابة النسوية " أو " أدب المرأة " ، الكاتب الناجح يبقى و يفرض نفسه والكاتب المدعي المتسلق يموت رجلا كان أو امرأة .
المرأة دوما عن ذاتها تعبر منذ بدأ الخليفة ، عناقها تعبير ، بكائها وغنائها تعابير قد يعجز عنها الرجل ، ربما اختلفت أدواتها ، أصبحت تلقي الخطب و تكتب الأشعار وتغزل الروايات لكنها دوما تعبر وستبقى ليبقى الحب على الأرض .
صدام كمال الدين
0 التعليقات:
إرسال تعليق