![]() |
حنان شافعى |
وتعترف شافعى بأنها مقلة فى انتاجها الشعرى لأنها من انصار اختمار الفكرة والكتابة وعدم استعجال الابداع لأنه سيأتى فى وقته والفيصل وقتها سيكون فى مدى جودة هذا الابداع أو ردائته ، وربما أيضا لانشغالها بالترجمة الأدبية ، وإبتعادها فى الفترة الحالية عن مصر حيث تعمل فى دبى .
صدر ديوان حنان الأول عام 2009 تحت عنوان "على طريقة بروتس" ،وفي هذا العام تم اختيارالديوان ضمن أفضل إصدارات العام في استفتاء صحيفة الأهرام المصرية،كما حصلت على جائزة أفضل ديوان أول فصحى في مسابقة "الملتقى العربي لقصيدة النثر" الذي عقد بالقاهرة في مارس 2010 .
* كيف ترين المشهد الثقافى الآن ؟
وضع المثقفين يعتبر هو الأضعف بين جميع الفئات الموجودة على الساحة الآن فى مصر ،وهو مخجل جدا لأنهم لايستطيعوا ان يجتمعوا على موقف أو كلمة واحدة ،ولا يوجد أى تغيير حدث على أرض الواقع سواء بالنسبة للنشر أو توزيع الفرص ،ولازلنا نعمل فى ظل وجود الواسطة والمحسوبية ، وسيطرة الكبار ، ووزارة الثقافة بعيدة وصعبة المنال بالنسبة لمبدعى الأقاليم ،ولا زلنا نتحدث فى نفس القضايا التى كنا نناقشها قبل الثورة ،ومازال المثقفون ينشغلون عن القضايا الحقيقية بمهاجمة بعضهم مثلما حدث فى مؤتمر قصيدة النثر،وكأن الثورة بإفرازاتها الحقيقية لم تصل إلى الوسط الثقافى والذي من المفترض أن يكون صانع أساسى فى المشهد .
* هل معنى هذا أنك مع الدعوات المطالبة بإلغاء وزارة الثقافة والمؤسسات التابعة لها ؟
أرى أن هذه وجهة نظر رومانتيكية بعض الشئ ،فإن كنا لا نستطيع التعامل معها فى ظل كونها كلاسيكية وبيروقراطية فما الذى سيحدث إن تم إلغائها وتعاملنا بشكل حر،ولكن من الممكن أن يحدث هذا بعد مرور خمسون عاما ، ولكننى مع تفكيكها إلى إدارات أصغر مع تصعيد عدد من الكوادر الشابة .
* ما رأيك فى فكرة البرلمان النسائى ؟
هى فكرة فنتازية أكثر منها واقعية لأنها تمثل شكل من أشكال الهروب أو المقاومة المضادة والتى تضيع الطاقة أكثر من كونها تشحذها ، وعلى المرأة المصرية أن تثبت وجودها فى الشارع وترشح نفسها للانتخابات ، ومحاولة إفهام الجمهور أن المرأة غير المحجبة أو المبدعة ليست كائن غريب أو شاذ عن المجتمع وعليهم أن يتخطوا الشكل الخارجى فى حكمهم على الشخص ، وذلك فى محاولة لتغيير وعى الناس .
* وكيف ترين الشعر الذى كتب تعبيرا عن الثورة وأحداثها ؟
العامية تستطيع أن تواكب الحدث أكثر من الفصحى ،لأنها أكثر خفة وقريبة من الشارع ، فقبل تنحى الرئيس السابق وأثناء تواجدنا فى الميدان كان هناك بعض الشباب يلقون أشعارا بالعامية والتى كان الجمهور يتفاعل معها بسرعة وهذا بعكس ما كان يحدث مع قصائد الفصحى،ولكن ليس معنى هذا أن كل ما كتب عن الثورة هو شعر جيد فبعضه ضعيف،ولكن هناك أشعار جيدة كوائل فتحى ،حسام جويلى ،مصطفى ابراهيم ،وأيضا أغانى الراب ،أما الفصحى فهناك بعض القصائد الجيدة كابراهيم داوود ،واخرين .
* وبما أنك شاركت فى هذه الأحداث . أين أنت كشاعرة من الثورة ؟
ليس بالضرورة أن أكتب شعر لمجرد مشاركتى فى الثورة وأحداثها ،وربما يعود هذا إلى أننى بطيئة فى الكتابة الإبداعية ومن انصار اختمار الفكرة والكتابة ،فالشعر لا أستطيع أن أستدعيه فى أى وقت بل هو الذى يحدد الوقت الذى يأتى فيه .
* ولكن ثلاث سنوات منذ صدور ديوانك الأول ألا ترى أنه وقت طويل ؟
الديوان الأول هو عمرى الذى قبل السنوات الثلاث ،والعديد من الناس فوجئوا بأن هذا هو ديوانى الأول ،لذلك لا أستطيع أن أنتج ديوانا أخر أقل جودة منه ، وعندما يأتى الابداع فأهلا به فى أى وقت ، لأننى لا أسامح تماما فى مسألة الإبداع لأن كل من يبدع عليه أن يتحمل كل النقد الذى سيواجه له إن جاء إبداعه ضعيفا ،ولا أستعجل الإبداع ، كما أن تجربة الإبتعاد عن مصر تأخذ من الإنسان الكثير من الوقت .
* فى مقدمة ديوانك " على طريقة بروتس " قلت : إلى وحدى/أتمرد/ وأجرب / وأيضا أدفع الثمن ، فهل ترين أن الشعر تمرد ؟
إن قلت أن الشعر تمر فأكون بذلك أختزله فى زاوية ضيقة جدا ، فالشعر يساوى حالة من اللاثبات،اللاستسلام ، اللاركود، وبحث عن ذاتى ،وطوال الوقت وعى مفتوح على كل الاحتمالات حيث لا توجد إجابات لأن الدنيا سر مغلق ومطلسم ، ولكن بالنسبة لى الشعر تمرد لأننى كبنت مصرية ومن أسرة بسيطة من أطراف القاهرة ،والبنت الكبيرة ،وكل هذا تحديات لكى أكسرها وأخرج خارج الإطار مع إعادة التشكيل للذات ،وكل هذا تمردات تصب فى النهاية فى التمرد الكبير وهو الإبداع الشعرى بالنسبة لى والذى قد يكون لدى أخرين فى قصة أو رواية أو أى من أشكال الأدب الأخرى ، وليس الشعر نفسه تمردا ولكن ما يقال بداخله .
* الديوان فى مجمله ينطلق من ذات الشاعرة ويعود إليها . فهل نستطيع أن نعتبره كتابة ذاتية ؟
بدون شك هو كتابة ذاتية،وبدأت بكتابة قصيدة النثر مباشرة أو بمعنى كانت إنطلاقتى منها،لأننى وجدت نفسى فيها وقريبة من شخصيتى،ودراستى للأدب الإنجليزى والترجمة ساعدتنى فى هذا،وكتاباتى هى ما تصالحنى على الحياة .
* ولكن هذه أحد الانتقادات الموجهة لجيل الشباب وهى الإغراق فى الذاتية والجنس ؟
من يقول هذا فهو شخص موهوم أو مازال يعيش فى مرحلة انتهت ،فالعالم لم يعد فيه مكان للتجمعات الفردية والذاتية هى المسيطرة على كل شئ ،والحداثة نفسها قامت على فكرة الفردية ،والثورة نفسها دليل على قتل الأب،لأن إيقاع الحياة أصبح أسرع .
* ما سر اهتمامك بالأماكن فى الديوان ؟
الاهتمام بالأشخاص فى المقام الأول ثم تأتى الأماكن فى المقام الثانى والذى يأتى فى السياق وليس خارجه .
* ما رأيك فى المعركة المطروحة بين قصيدة النثر والتفعيلة ؟
هى معركة وهمية،فقصيدة النثر أثبتت منذ الثمانينات وجودها بقوة ،وهذه المعركة إفلاس فكرى،وشعراء التفعيلة أو العمودى ليسوا الأوحد فى المشهد ، لأنه لا يوجد من يحتكر الحقيقة أو الشكل ،وقصيدة النثر أثبتت وجودها بقوة على الساحة ولها كتاب ننتظر أعمالهم من وقت لاخر ،وجماليات النص فى روحه وليس شكله .
* ولكن شعراء التفعيلة يتساءلون عن المنجز الشعرى الذى قدمته قصيدة النثر حتى الآن ؟
هل معنى المنجز الشعرى لديهم عدد الدواوين التى يصدرها الشاعر ،والمنجزى الشعرى هو إلى أى مدى أنا فضحت مجتمع مزيف كالمجتمع المصرى ،فديوان إمام مرسال " جغرافيا بديلة " قدم فيه حالة الغربة كما يجب أن تكون فهذا منجز شعرى ،وديوانى "بروتس " لفتاة من جيل مبارك طوال الوقت فى صراع مع مجتمعها والواقع والغربة التى تعيشها داخل وطنها وفضحت فيه نفسى ومجتمعى فهذا منجز شعرى ،والمنجز ليس بالتراكم أو الكم أو أن أكون حجازى رقم 2 .
* بعض شعراء التفعيلة يقولون بأن قصيدة النثر ليس لها جمهور بعكس التفعيلة ؟
قصيدة النثر ليست سهلة أو مجانية ،وإن أخذنا بكلام شعراء التفعيلة فبهذا شعر الفصحى ليس له جمهور لأن العامى منتشر أكثر منه ،وبهذا تصبح أفلام "على واحدة ونص "،و" شارع الهرم " أهم من أفلام داوود عبد السيد،وقصيدة النثر قصيدة صعبة تحتاج لمن يسعى إليها كامرأة مثقفة وواثقة من نفسها لا ترضى بأى رجل يصادفها .
صدام كمال الدين
0 التعليقات:
إرسال تعليق