الدكتور عبد الرشيد المحمودى : بعد القهوة بحث عن الزمن الضائع


الدكتور عبد الرشيد المحمودى
 يرى الدكتور عبد الرشيد المحمودى الفائز بجائزة الشيخ زايد فرع الآداب هذا العام عن روايته بعد القهوة ، بأن الرواية ينبغي أن تتسع للأنواع الأدبية الأخرى ، وأن فوز المبدع بالجوائز يلقى على عاتقه مسئولية المواصلة والسعى إلى مزيد من التجويد فى أعماله القادمة.

للمحمودى العديد من المؤلفات والكتب المترجمة في مجال الدراسات الأدبية والفكرية منها: "طه حسين من الأزهر إلى السربون"، "طه حسين بين السياج والمرايا"، "برتراند راسل.. فلسفتي كيف تطورت؟" ، "الموسوعة الفلسفية المختصرة" مع آخرين، مشروع الألف كتاب عام 1962، "طه حسين.. من الشاطئ الآخر"، كتابات طه حسين الفرنسية، وله أيضا عدة مجموعات قصصية منها: اللورد شعبان ، ركن العشاق، زائرة الأحد ، ديوان حباًّ في أكلة لحوم البشر ، ورواية عندما تبكي الخيول، ومؤخرا رواية بعد القهوة التى فازت بجائزة الشيخ زايد .

* ما شعورك بعد فوز روايتك بعد القهوة بجائزة الشيخ زايد ؟


شعرت بسعادة بالغة مشوبة بشيء من الرهبة ، لأن الفوز بمثل هذه الجائزة يلقى على عاتق الفائز مسؤولية المواصلة والسعى إلى مزيد من التجويد.

* برأيك هل الجوائز أصبحت برهان على جودة النص الأدبى ؟

هى برهان على ذلك، ولكنها ليست بالبرهان القاطع. فالزمن هو الذى يقرر فى النهاية ما إذا كان للعمل قيمة باقية. وفى الحالة التى نحن فيها أعتقد أن رأى الحكام على درجة كبيرة من الأهمية – وهو رأى أعتز به - لأنهم جاءوا من بلدان عربية مختلفة، ويخيل إلى أنهم ذوو مذاهب أدبية مختلفة. ورأيهم فى هذه الحالة يتميز بالموضوعية.

* مزجك فى الرواية بين الفصحى والعامية هل هو لخدمة السرد ؟

استخدام العامية فى كتابة الحوار هو أمر ضرورى فى كثير من الحالات. لأن الأمر يتوقف على سياق الأحداث ونوع الشخصيات وطبيعة الموضوع وأغراض المؤلف. يضاف إلى ذلك أن مزجى للفصحى والعامية في هذه الرواية صادر عن رغبة فى التنويع تعبيرا عن اكتشاف جديد للحرية والقدرة على التصرف.

* رواية " بعد القهوة " تتناول النسيج الإجتماعي والطبيعة الطبوغرافية والملامح الأنثروبولوجية للقرية المصرية في الأربعينيات من القرن الماضي . فهل ترى أن روايتك محاولة للحفاظ على مفردات القرية المصرية التى على وشك الإندثار ؟

هى في الواقع "بحث عن الزمن الضائع"،القرية المصرية التي يعنى بها الجزء الأول من الرواية لم تعد موجودة، أو لم يبق منها إلا القليل ، هذا إذا كان قد بقي منها شيء.




* وصفت رواية بعد القهوة بأنها " ثلاثية ".ماذا تعني رواية واحدة بالثلاثية؟

الرواية مقسمة إلى ثلاثة أجزاء، ومن الممكن أن يقرأ كل جزء على حدة وكأنه رواية قائمة بذاتها.

* الموسيقي والشعر لعبت دوراً أساسيا في سياق روايتك وخاصة في الجزء الثالث. حيث يعيش البطل في ڤينا هل هذا له علاقة بالنص أم بالمكان ؟

الاهتمام بالموسيقى والشعر حاضر في الأجزاء الثلاثة. واهتمامي بهما يرجع أساسا إلى أنني أؤمن بأن الرواية ينبغي أن تتسع للأنواع الأدبية الأخرى. أما اهتمامي بالموسيقى بصفة خاصة، فلأننى أريد لهذا الفن أن يحتل مكانا أساسيا في حياتنا الثقافية وفي نظامنا التعليمي. وأنا عندما أتحدث عن الموسيقى لا أعني الموسيقى المصاحبة للغناء أو للرقص فقط؛ بل أعنى أيضا الموسيقى عندما تتخلص من الكلام ومن حركات الرقص وتصبح فنا خالصا معبرا بنفسه. فالموسيقى بهذا المعنى هي الأعظم تعبيرا. ومن المؤسف أن الموسيقى الخالصة لم تحتل بعد المكان اللائق بها في ثقافتنا.

* اشتهرت بكتاباتك المرجعية عن عميد الأدب العربي طه حسين، وذلك مثل كتاب " طه حسين من الأزهر إلى السربون"، وكتاب "طه حسين بين السياج والمرايا". فلماذا اخترت طه حسين على وجه التحديد ؟

بدأ اهتمامي بالكتابة عن طه حسين وأنا ما زلت أقيم فى لندن وباريس ، ولذلك أكثر من سبب، فقد أحببت كتابات طه حسين منذ طفولتى وتعلمت منها الكثير، وبخاصة عن الأدب العربي القديم والأدب الفرنسي. كما تعلمت منه أيضا شيئا عظيم الأهمية، وهو حب اللغة العربية الفصحى والاعتزاز بالانتماء إليها. ومن المؤكد أن أسلوب طه حسين في الكتابة أثر في البداية على أسلوبى. يضاف إلى كل ذلك أننى عندما عدت إلى طه حسين وأنا في بلاد الغربة، كنت أريد الرجوع إلى مصر عن طريقه.

* وهل هناك رؤية خاصة أردت التأكيد عليها فى مسيرة طه حسين الفكرية؟

أردت أن أؤكد على جوانب متعددة في كتابته، مثل نزعته النقدية، وتفكيره المنهجي، وتأسيسه لتاريخ الأدب العربي، واتساع أفقه، ومناصرته لدراسة الآداب القديمة (الونانية واللاتينية) والآداب الأوروبية الحديثة.

* من أعمالك الإبداعية والقصصية : «اللورد شعبان» ( مجموعة قصصية)؛ «ركن العشاق» ( مجموعة قصصية )؛ «زائرة الأحد» ( مجموعة قصصية). وأخيرا رواية "بعد القهوة". ألا ترى أن كتابة القصة تغلب على إنتاجك؟

من الواضح أن كتابة القصص (بما في ذلك الرواية) غلبت على إنتاجي في السنوات الأخيرة. ولكنى في الواقع متعدد الاهتمامات. فأنا أنظم الشعر، وأكتب دراسات نقدية وفلسفية، وأترجم أحيانا. والمشكلة هى أن الكاتب من هذا النوع لا يستطيع أن يرضى كل الأطراف، وإن كنت أتمنى أن يتاح لى من الوقت والطاقة ما يمكنني من الوفاء بالحقوق جميعا. 


* درست الفلسفة. فهل دراساتك للفلسفة تفيدك كأديب ؟

تفيدنى إلى حد بعيد، وإن كنت لا أستطيع أن أحصر كل الفوائد، فبعضها ليس واضحا، وبحث قد يطول. فلنقتصر على بعض جوانب الفائدة: التفكير المنطقى؛ والحرص على الوضوح؛ وفتح نوافذ على الآفاق الفكرية البعيدة.

* برأيك هل ستؤثر الثورة على الإبداع الأدبى ؟

أرجو أن يكون للثورة تأثير جيد على الإبداع الأدبى. ولكن الثورة ما زالت قائمة ومتجددة. ولما كنا نريد لها أن تؤدى إلى إصلاح حقيقى ونهوض حقيقى فى جميع جوانب الحياة، فإننى أرجو أن تبث فى البلاد حيوية وثقة فى النفس وطموحا وأملا فى المستقبل، وهو ما يؤدى على وجه اليقين إلى ازدهار فكرى ونهضة أدبية.


صدام كمال الدين
شاركه على جوجل بلس

عن صدام كمال الدين

    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك

0 التعليقات:

إرسال تعليق