أشرف عبد الشافى: سخريتى من الواقع بديل عن البكاء

خداع المجلس العسكرى لن ينطلى على الشعب المصرى



أشرف عبد الشافى
يرى الكاتب الصحفى والأديب أشرف عبد الشافى أن أخطر ما يواجه الثورة المصرية الآن هم مجموعة الأفاقين الذين يتحكمون فى الإعلام والصحافة والذين يتلونون بحسب الظروف ويتقربون لمن يجلس على كرسى الرئاسة ، فقبل سقوط نظام مبارك كانوا يتزلفون لجمال مبارك وصفوت الشريف، والآن يقدمون أنفسهم وكأنهم من خطط للقيام بالثورة أو كأنهم زرقاء اليمامة التى رأت الثورة قادمة من بعيد،فمثل هؤلاء يجب فضحهم على الملأ لذلك أصدر الجزء الأول من كتابه " البغاء الصحفى " والذى يرصد من خلاله علاقة عدد من الصحفيين بالنظام السابق وبعض الأنظمة الديكتاتورية فى الوطن العربى . 


عبد الشافى مهموم فى كتاباته بكشف الفساد الذى استشرى فى مصر وأصاب معظم نواحى الحياة وخاصة الصحفية والحزبية منها ، فهو فى روايته ودع هواك يكشف لنا أن معظم الأحزاب التى كانت على الساحة هى مجرد " كومبارس " فى مسرحية يديرها الحزب الوطنى الحاكم قبل الثورة ،وهو ما أكدته نتيجة الانتخابات بعد ثورة 25 يناير ،ليس هذا فقط وإنما الفساد استشرى ليصيب الوسط الصحفى والإعلامى وهو ما سعى لكشفه وكشف المتورطين فيه من أشخاص فى كتابه " البغاء الصحفى " والذى صدر مؤخرا . 


صدر له من قبل مجموعة قصصية " منظر جانبى "،رواية " ودع هواك" ، كتاب "المثقفون وكرة القدم " ، ومؤخرا كتاب البغاء الصحفى . 

* فى رواية ودع هواك قلت " لحظة واحدة أتذكر فيها كل مآسى الفقر والحرمان والشعور بالظلم وسطوة الحرامية والنصابين علينا ..جعلنى أشفق على مصر " وبعد الثورة هل ما زال هذا الشعور ماثل لديك ؟

كل هؤلاء اللصوص هم من يديروا شئون مصر،وذلك بداية منذ حكم العسكر فى مصر بعد ثورة 1952 وإنتهاء بثورة 25 يناير وما حدث بعدها من المجلس العسكرى،ومن خلال مهنتى ككاتب وصحفى أشارك فى الثورة بكتابى " البغاء الصحفى " والذى أعتبره مشاركتى الحقيقية فى الثورة لأننى لا أستطيع أن أكون كالشباب الذين يفتحون صدورهم للرصاص فى شارع محمد محمود أو فى غيره من شوارع مصر ويستشهدوا ، وهو محاولة منى لكشف بعض الكتاب والصحفيين الذين كتبوا بيمناهم تمجيدا فى جمال مبارك ولجنة سياسات الحزب الوطنى،وبعد الثورة تجدهم يقدمون أنفسهم باعتبارهم قادة الثورة وكأنهم الذين كانوا أشد المعارضين والمهاجمين لمبارك ونظامه ،أو كأنهم زرقاء اليمامة التى بشرتنا بالثورة ،ولدرجة أننى أصبت بالاحباط لمدة أربعة أشهر ،فبعد الثورة بشهرين بدأت كتابة مقالات "البغاء الصحفى " وفوجئت بالمجلس العسكرى يختار مجموعة من المثقفين ليتحاور معهم فى شئون البلاد ومن بينهم الأستاذان محمود مسلم ومصطفى بكرى ،ومسلم كان محرر لجنة السياسات ويظهر مع جمال مبارك فى كل مكان ،ولن أقول من هو مصطفى بكرى فالكل يعلم ماضيه ،فهو الذى كتب مقال " كل سنة وأنت طيب يا ريس " فى عهد مبارك ،وكان كل هذا سبب الاحباط وكأن الثورة لم تحدث .

* رواية ودع هواك،وكتاب البغاء الصحفى تدور أحداثهما عن الوسط الصحفى والثقافى ؟

لأننى أكتب عما أعرفه ،ولا أستعير تجارب الاخرين،فما أعرفه يمكننى أن أضيف إليه ،أخترع فيه ،أو أنتقص منه،كما أن جيلى الصحفى عاش تجارب مهمة يجب أن تكتب وواجه الكثير من الصعاب ،وربما يكون فى الرواية بعض من السيرة الذاتية وهو ما لا أنكره لأنها من أصعب وأجمل فنون الكتابة،وأعتبر أن مهمتى ككاتب أن أكشف ولو جزء مما يحدث من حولى وخاصة فى مهنة الصحافة والإعلام .


* ولماذا بطل الرواية كان دائم التوتر ومنشغل بهزائمه ؟

لأنه لا يصدق ما يكتشفه من أن كل رموز الحزب هم حرامية ومدعين للبطولة وتمويلهم مشبوه ،إلى جانب أن الحياة لا ترحم أشخاص أمثاله فهو دائم الإنشغال بكيفية إرضاء صاحب العمل وتحقيق مكسب كبير له حتى يستطيع أن يأخذ ولو جزء من مرتبه ليساعده على الاستمرار فى الحياة ومواصلة حلمه،كما اننى حاولت تقديم شخصيات إنسانية فى الرواية تعانى من تجارب مريرة وهو نفس ما مر به جيلى .

* ولماذا تأخرت كتابة المقالات بعد الثورة بشهرين ؟

بعد الثورة كنا فرحين وسعداء بالثورة وأخذتنا نشوة الفرحة فنظفنا الشوارع وأعدنا تجميل الشوارع ،وكما كنسنا الشوارع أردنا تنظيف الاعلام أيضا حتى لا يتسلق الأفاقون ويتسللوا من بين صفوفنا ويتاجروا بالثورة ويجنوا الثمار التى أستشهد من أجلها الشباب،لذلك بدأت من شهر فبراير عام 2011 فى كتابة هذه المقالات والتى كانت عن المشاركين فى لجنة السياسات والمقربين من جمال مبارك أو كانوا يسعوا لذلك من خلال مقالاتهم التى كانت تنشر فى الصحف المصرية حتى لا يقول شخص بأننى أتجنى عليهم أو أسعى لمكاسب شخصية ،ولم أكن أبحث عن الذين سرقوا ونهبوا خيرات البلد وهم كثيرون ولكن الذين حاولوا خداعنا وإيهامنا بأنهم شهداء الكلمة بينما هم يسعون ويعرضون أنفسهم على آل مبارك حتى يحصلوا على مكاسب شخصية لأنفسهم ،فكان لابد من تعريتهم وكشفهم أمام الجميع .

* أسلوب كتابة المقالات يتسم بالسخرية المريرة . لماذا ؟

وسط كل ما نراه من أحداث الآن وكل حالات البغاء الصحفى والإعلامى ماذا تريدنى أن أفعل سوى أن أسخر من كل هذا ،فهو السبيل الوحيد حتى لا أنفجر،فعندما تحدث الثورة ويظل أمثال الجلاد وبكرى فى أماكنهم بل يصبحوا منظرين للثورة والمتحدثين باسمها،ويحوزوا مكاسب الثوار والشهداء فهى سخرية بديلة عن البكاء .


* المقالات أخذ بعضها الشكل الدرامى وكأنها حكاية وقصص متفرقة ؟


نحن كمصريين شعب نعشق الحكاية والحدوتة فحتى تجمعاتنا يتحدث فيها شخص والاخرين يستمعون له،ونحن بإجراء حوارنا هذا نحكى حكايات،إلى جانب أننى أجد نفسى فى هذا الاسلوب ورأيته الأنسب لكتابة المقالات حيث حرصت على البعد عن الشكل التقليدى الممل لكتابة المقال .


* ألم تخش نتيجة لهذه المقالات أن تتم مهاجمتك ليس قضائيا فقط وإنما إعلاميا أيضا ؟

من خلال هذا الحوار أريد أن أقول لهم أننى لا أريد أن أذهب للمحاكم لأننى لا أصحو من نومى باكرا حيث أننى كائن ليلى لذلك أرجوهم الابتعاد عن سكة القضاء،أما إعلاميا فلا أخشى ذلك لأن كل هؤلاء الافاقين إنكشفوا وظهر للجميع مدى كذبهم وتزويرهم وتضليلهم للشعب الذى لطالما وثق بهم واعتبرهم القنوات الاعلامية البديلة عن الاعلام الحكومى ويحصل من خلالهم على معلومات حقيقية وموثقة ومفيدة له،ومن انا حتى تتم مهاجمته من أمثال هؤلاء القمم فى عالم الصحافة والإعلام فتخيل أن يهاجمنى حمدى رزق بأسلوبه الرائع فى أحد مقالاته والذى استخدمه فى طعن صديقه ابراهيم عيسى وضحى به من أجل صلاح دياب .

* فهمى هويدى ،وهيكل أسماء كبيرة يحترمها الكثيرون،وبرغم هذا لم ينجو أى منهما من نقدك اللاذع ؟

أحترم فهمى هويدى كثيرا ولكن انتقادى له كان بسبب موقفه الهزيل والضعيف من بشار الأسد برغم عدد الشهداء يوميا فى سوريا ،ففى المقال الوحيد الذى كتبه عن سوريا يوم 4 أبريل قدم درسا فى البغاء الصحفى وكأنه أجبر على كتابته وذلك عندما وجد الأحداث تأزمت فى سوريا والشعب الأعزل يواجه ترسانة بشار التى تسحل الشباب وتنكل بالنساء ،فيكتب فى مقدمة المقال بأن هناك الكثير الذى يحسب لبشار واحتضانه للمقاومة الفلسطينية وكأنه ليس من حق الشعب السورى أن يتنسم عبير الحرية ،كما لا أجد سببا فى تراخى قلمه فى مواجهة النظام السورى وهو الذى وجه طعنات حادة لقلب نظام مبارك والقذافى وابن على ،أما هيكل فأين كان منذ 30 عاما عندما خرج علينا الان منظرا ومحللا للثورة وكاشفا لاسرارها ومهاجمة مبارك وكيف يفعل هذا وابنه شريك فى فساد النظام السابق ،ولم أنتقد هيكل دونما سبب فأنا وأبناء جيلى الذى جاء قبيل انتصار أكتوبر وبعده بعدة أعوام نعرف بأن هيكل قامة ولنا شرف مجايلته وسنحكى لأولادنا وربما لأحفادنا عنه ،ولكنه ليس بنصف نبى بل له العديد من الأخطاء التى ارتكبها فى حق زملائه من الصحفيين والكتاب بعد تولى عبد الناصر حكم مصر،لأنه كان مشاركا فى اتخاذ القرارات ،فقبل أن يحدثنا عن ثورتنا يجب عليه الاعتذار للقضاة والكتاب والصحفيين الذين ساهم فى نقلهم من مكاتبهم إلى شركات تصنيع الأحذية ومصانع البسكويت .

* فى رواية " ودع هواك " أظهرت وكأن العلاقة ما بين الأحزاب والصحافة من جهة والنظام الحاكم من جهة أخرى كأنما هى علاقة غير مشروعة ؟

كانت الأحزاب تأخذ منح شهرية وسنوية ،ولأنه فى ظل الدولة الديمقراطية لابد وأن تمنح الدولة الديمقراطية الأحزاب أموال كى تشترى بها أوراق لإصدار صحفها،وكل الصحف المصرية الخاصة لم تكن تجرؤ على مهاجمة صفوت الشريف ،فمصطفى بكرى كان يضع صورة صفوت الشريف فى الصفحة الأولى ثم يفكر بعد ذلك فى باقى الموضوعات الصحفية، وأى تصريح كان يقوله صفوت الشريف كان ينشر فى الصفحة الأولى فى كل جرائد مصر ، فلم يكن هناك معارضة وإنما بعض الأشخاص المهجنين،وكلهم كان يتمنى أن توجه له الدعوة لحضور معرض الكتاب وأى عشاء يقيمه زكريا عزمى أو صفوت الشريف،كأن يذاع حفل لصحيفة الأسبوع على التلفزيون المصرى وعلى الهواء مباشرة ،لأن الشريف صديق لبكرى وهذه حالة بغاء بلا لون أو طعم أو رائحة،وعاش عليها بعد ذلك الصحف الخاصة عندما قام رجال الأعمال وأنشأوا صحف تضم بعض الصحفيين ليحافظوا من خلالها على مصالحهم وعلاقتهم بالنظام الحاكم وقتها،والسنوات الست التى سبقت الثورة شهدت حالة بغاء صحفى كبير سنعانى منه لسنوات عديدة قادمة ، والشباب بدأ فى إسقاط هذه المنظومة وستسقط تماما لأنه يتم تعرية هؤلاء المزيفين والافاقين الآن من خلال الفيس بوك ، وبعد صدور الكتاب الفجر دخلت لأول مرة ربما فى صراع مع مصطفى بكرى حيث هناك إشارة فى الصفحة الأولى لمقال يهاجم بكرى عن طريق كتابى ،ولكنى أتساءل هل ما كان يفعله مصطفى بكرى كان خافيا على عادل حمودة أم أنه ركوب الموجة،وليس بكرى لوحده وإنما الاخرين كالجلاد،حمدى رزق،ومحمود مسلم وغيرهما ،ولكن الجميع كان يبحث عن مصالحه وعلاقاته ،حيث كان هناك لوبى فى الصحافة والإعلام المصرى يهاجمون بعضهم البعض فى البرامج التلفزيونية ثم يتقابلون فى الحفلات والسهرات وكأن ما بينهم هو صداقة حميمة،وأى حفل لابنة مسئول كبير كان يتواجد به هؤلاء جميعا ،ويظهر فى اليوم التالى وكأنه معارض وهذه حالة بغاء وتضليل يستحقوا عليها الشنق فى ميدان عام .

* وبعد مرور عام على الثورة . إلى أين وصل المصريون ؟

الثورة مستمرة وبرغم الحرب الاعلامية التى تقام ضد الثوار واتهامهم بالبلطجة وتصويرهم على أنهم مخربين،وإلى الان الشارع المصرى مع الثوار ،والمجلس العسكرى نزل بدباباته الشارع وكتب عليها الجيش والشعب ايد واحدة وهذا الخداع لن ينطلى على المصريين ،لأنهم يلعبوا نفس لعبة النظام السابق بادعائهم بأن أمريكا تريد تفكيك البلاد والعدو على الابواب،وهو نفس ما كان يقال للسورييين لاجهاض ثورتهم بادعاء البعض بأن العدو الصهيونى على الأبواب فكيف يقوموا بثورة ضد نظامهم ،فكيف يقال بأن البرادعى يقود ثورة أمريكية داخل البلاد ومن يتفاوض مع الأمريكيين هو المجلس العسكرى،ويبذل العسكر كل ما بأيديهم لمدة عام قادم وإن جاء رئيس مدنى منتخب سيحاولون فرض شروطهم عليه ولكن كل هذا سينتهى،لأنه وضح تماما أن المشير طنطاوى هو حسنى مبارك جديد ويريد أن يحول الجيش المصرى العظيم إلى أمن مركزى جديد لحماية نظامه ورجاله وهذا لن يحدث وخاصة بعد حادث بورسعيد،وفى ظل هذا يشغلنا بأموال المصريين المهربة إلى الخارج والأولى به أن يصادر أموال أفراد النظام السابق الفاسدين ،وإعادة العمال المصريين إلى أماكنهم .

* مجموعة قصصية ورواية . ألا تجد أنك مقل جدا فى أعمالك الأدبية ؟

سأستعير مقولة لابراهيم أصلان رحمه الله حيث قال لى فى واحد صانع "طبالى" وواحد صانع أرابيسك ، الأول يستطيع أن يصنع فى اليوم 40 قطعة أما الثانى فربما يصنع فى العام قطعة واحدة،وانا أهوى صناعة الأرابيسك لذلك لا أنشغل بكم الأعمال الأدبية لدى وإنما بجودتها ومدى تأديتها لرسالتها،ولا أكتب أو أنشر إلا ما أرضى عنه،فلدى رواية لم تكتمل منذ سنتين،ولا أقلق لأننى أرى أنه لدى شئ مختلف وأكتبنى ولا أستقى تجارب الاخرين فكل شخص له تجربة تخصه والتى تميزه عن غيره ، ولست مقل لأننى لدى 4 كتب مجموعة قصصية ،ورواية،و كتاب المثقفون وكرة القدم،وكتاب البغاء الصحفى .

صدام كمال الدين
23 مارس 2012
شاركه على جوجل بلس

عن صدام كمال الدين

    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك

0 التعليقات:

إرسال تعليق