شعبان يوسف: الشعر لحظة إنسانية وليس بيانات سياسية


شعبان يوسف

يرى الشاعر المصري شعبان يوسف، عضو لجنة الشعر بالمجلس الأعلى للثقافة، أن التغيير الذي حدث في معظم اللجان الثقافية في المجلس أمر طبيعي ، وكان سيحدث بوجود الثورة أو من دونها، لأنه نتاج الحراك في المشهد الثقافي المصري، كما أشار إلى أنه لا يجد مبرراً منطقياً لما قام به 9 من أعضاء لجنة الشعر بإعلان انسحابهم فور فوز الشاعر ماجد يوسف بموقع المقرر، وكان عليهم تقبل الأمر بروح رياضية، خصوصاً أن اختيار يوسف جاء نتيجة التصويت على مجموعة أسماء، من بينها أحمد عبدالمعطي حجازي .

أصدر شعبان يوسف سبعة دواوين منها مقعد ثابت في الريح عام ،1993 معاودات ،1994 كأنه بالأمس فقط ،1998 تظهر في منامي كثيراً ،1999 أكثر من سبب للعزلة 2002 .


* ما تقييمك للشعر الذي كتب عن الثورة؟

أرى أنه شعر مهتم بتسجيل اللحظة بغض النظر عن التقنيات والآليات والفنيات التي ربما تكون ضعيفة أو متوسطة أو حتى منعدمة، لكنى أضعه تحت عنوان قصائد المناسبات والتي لها ضرورة حتمية، فعندما نتأمل سعد زغلول وقصائد أحمد شوقي وخليل مطران والعقاد وأبناء ثورة 1919 سنجد قصائد مرتفعة، وأخرى أقل في القيمة الفنية، ولكن الأساس هو في معرفة اللحظة، وكأنها جدارية مكتوبة على حائط اللحظة، وكل القصائد التي كتبت ومنها قصائد حجازي وفاروق جويدة هي قصائد تسجيل اللحظة وكل شاعر يستخدم خبراته، والتي ظهرت لدى الشعراء الكبار، وشرف الشعر ليس في موضوعه وإنما يأتي من فنياته، ووقت الثورة كان مطلوبا من القصيدة أن تحرض وترصد وتثير غضب الناس وتعبر عن انفعال الشاعر .

* وأين أنت كشاعر من الثورة؟

كتبت أكثر من قصيدة ونشرت في مواقع متعددة، ولا أستطيع أن أحكم عليها، وهي قصائد منسجمة مع كل ما كتب أيام الثورة، وهي نتاج خبراتي وربما لم تتأن أو تنتظر أو تتأمل أكثر من اللازم، وهي نتاج اللحظة المتوترة .

* كيف ترى وصول التيارات الإسلامية للحكم وانعكاس هذا على الإبداع والمبدعين؟

لا توجد أية تيارات يمكن أن تؤثر على حرية الإبداع، والتيار الإسلامي ليس مرعباً إلى هذه الدرجة، وعندما نتناقش ويحدث صدام في الرأي يجب أن نفك الالتباس مابين قداسة الدين في حد ذاته وبين السياسة والفن، وهي فنون أرضية لا تنسحب على فكرة الدين، وبعض التيارات الدينية لا تفصل بين قداسة الدين وأرضية الفن، والحوار في مصر حول هذه النقطة توقف منذ الأربعينات .

* بعد تولي أحد شعراء العامية موقع مقرر لجنة الشعر . . هل نستطيع أن نقول إن هذا بادرة تغيير في الحياة الثقافية بعد الثورة، عما كان سائداً قبلها من سيطرة وجوه معينة على مثل هذه اللجان؟

هو تغيير للأفضل، وبغض النظر عن كون ماجد يوسف شاعر عامية أو فصحى، هو شاعر وله وجود ومحترم، والتغيير الذي حدث في معظم اللجان الثقافية ليس له علاقة بالثورة، وإنما بالتغيير بشكل عام، وأفترض أنه لو لم تحدث الثورة كان من السهل أن يتغير حجازي، لأنه نوع من الحراك وليس معنى ذلك هو وصول الثورة بكاملها إلى وزارة الثقافة، ولكن التغيير موجود وهو ما استشعره الجميع، وهذه ليست طفرة ثورية عظيمة، ومن الممكن أن تتم ممارسة السلوكيات نفسها التي كانت تمارس قبل ذلك، ولا أحبذ أن يقال إن ماجد يوسف أفضل من حجازي وربما يكون أسوأ، والعبرة بحراك أعضاء اللجنة في حد ذاتهم .

* وكيف ترى انسحاب 9 من أعضاء لجنة الشعر بعد اختيار ماجد يوسف مقرراً لها؟

المفترض من حجازي وحسن طلب والآخرين أن يستقبلوا الأمر بروح رياضية، لأن مقرر اللجنة في النهاية لا يسيد فكرة معينة، ولست سعيداً بما يحدث في لجنة الشعر على وجه الإطلاق، وأخشى أن يكون تصعيد ماجد يوسف تصعيداً وراءه غرض ما هنا أو هناك .

* بعض الشعراء يتساءلون ما الذي يمكن أن تقدمه لهم لجنة الشعر؟

من المفترض أن تهتم لجنة الشعر بالشعراء في القاهرة والأقاليم والشباب خاصة، واقترحت أن تكون هناك مطبوعات تشرف عليها لجنة الشعر، حيث تعودنا منذ بداية وجود المجلس الأعلى للثقافة أنها تهتم بالمكرسين دائماً، وأن تكون اللجنة محايدة في منح الشعراء سواء الأعضاء أو غير الأعضاء المشاركة في المهرجانات العالمية، لأن شعراء اللجنة ليسوا أفضل الشعراء في مصر، والامتيازات عموماً كانت حكراً على أعضاء اللجنة كالإشراف على المهرجانات والقراءة في الأمسيات والنشر، لأن القرار الذي يأتي من وزارة الثقافة يوضع أمام اللجنة ويختارون من بينهم، ويجب أن تكون اللجنة منظمة لحركة الشعر والشعراء في مصر ومفيدة لهم بشكل عام .

* البعض يعتبر أن استمرار وزارة الثقافة امتداداً لما أسماه فاروق حسني بالحظيرة التي أدخل إليها المثقفون ويطالبون بإلغائها . . ما رأيك؟

إلغاؤها نوع من الترف، لأن المثقفين لا يقدمون بدائل، والذين تمردوا على تشكيل اللجان كانوا بداخلها، ويحاول المثقفون المستقلون أن يشكلوا جبهات ولم يستطيعوا حتى الآن، وأتمنى أن يفعلوا هذا، وعندما يردد المثقفون مقولة فاروق حسني يقزمون أنفسهم، وطوال الوقت نحن موجودون في الشارع ومستقلون .

* ولكن متى يكون للمثقف دور فاعل في المجتمع؟

المثقف ليس مهمشا، فكتابات إبراهيم أصلان وبهاء طاهر وخيري شلبي في الصحف، وبعد رحيل أصلان اكتشفت وجوده في وجدان الناس، فالمثقف موجود بثقافته وليس بشخصه، وهناك أدوار حالياً لبعض المثقفين تشبه أدوار أحمد لطفي السيد، وطه حسين .

* ولماذا نشهد تراجعا للمشهد الشعري الآن؟

ليس مطلوباً من الشعر أن يكون دستوراً أو بيانات، ولكنه يعبر عن لحظات إنسانية عابرة، ولا يوجد تراجع، وإنما يوجد تقدم للحكاية عبر المسرح والسينما والقصة القصيرة، والحكاية تغلغلت بداخل الشعر وأثرت عليه، كما الفنون الأخرى، نحن في لحظة يتأمل الشاعر فيها المشهد جيداً، وربما يكون وجوده أقل لكنه موجود وجدانياً في قلوب الناس .

* ديوانك الجديد وهو في غاية الحيرة الذي تعكف على كتابته حالياً، ينتمي إلى قصيدة النثر، فما رأيك في المعركة المطروحة على الساحة بين النثر والتفعيلة؟

قصيدة النثر موجودة بقوة شديدة، وهذا خلاف مفتعل، فالشعر يمكن أن يوجد في قصيدة النثر أو التفعيلة، ومن الممكن ألا يوجد في الاثنتين، والشاعر العبقري يستطيع أن يعبر عن نفسه وعن اللحظة الراهنة وتأملاته في قصيدة نثر أو تفعيلة، ويفترض في الشعر أن يكون أكثر تحرراً من كل هذه المعارك السخيفة، مثلها مثل سحب القضية السياسية أو الدينية على الشعر، والساحة تتسع للجميع .

* القصائد التي نشرت من الديوان لاحظنا أنها قصيرة جداً . . لماذا؟

لم أختر هذا الشكل، وإنما هو الذي اختار نفسه، ووجدتني أكتبه، ووجدت نفسي قادراً على التعبير عن ذلك، وربما لأننا الآن لسنا في حاجة إلى مطولات حيث عصر السرعة والنت والمدونات .

صدام كمال الدين
26/03/2012
شاركه على جوجل بلس

عن صدام كمال الدين

    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك

0 التعليقات:

إرسال تعليق