![]() |
الدكتورة رشا سمير |
ترى الكاتبة الدكتورة رشا سمير أن مصر تمر حاليا بفترة تعد من أسوأ الحقب التى مرت بها على مر الزمان ، فالوضع حرج وسئ ، والأشخاص فى مصر يمرون بأزمة أخلاقية تجعل التعامل بينهم فى حاجة لوقفة حقيقية مع النفس ، والثورة أيضا ، كما أخرجت أجمل ما فى جيل كامل من الشباب ، فقد أخرجت أسوأ ما فى الشعب من صفات ، مثل الفوضى والتطاول ، فنحن شعب لم يكن مؤهلا للديمقراطية ، لأننا وبكل أسف شعب أهمل حكامه "التعليم" طويلا ، وهو السبيل الوحيد لنهضة الشعوب .
صدر للدكتورة رشا خمس مجموعات قصصية هى : "حواديت عرافة" ، "معبد الحب" ، "حب خلف المشربية " ، "يعنى إيه راجل؟" ، ثم الطبعة المنقحة "وبعد الثورة يعنى إيه راجل؟"، ومؤخرا رواية "بنات فى حكايات" التى تتناول عالم المراهقات بأسراره وأبوابه المغلقة .
* برأيك هل قُدر لروايتك " بنات فى حكايات " النجاح الذى توقعتينه ؟ وما سبب نجاحها من وجهة نظرك ؟
أعتقد أنها حققت نجاح أكبر بكثير مما توقعت ، لقد كتبت هذه الرواية خلال ثلاث سنوات متواصلة ، عشت مع تفاصيل الشخصيات والأحداث من خلال أصدقائى ومعارفى، ومن خلال حكايات بناتى وأصدقائهن .
لقد بذلت مجهودا فى الرواية أرهقنى وحرصت بأن أغلف الرواية بوجهة نظرى الشخصية فى بعض المواقف، وأعتبر هذه الرواية نقطة تحول فى مشوارى الأدبى لأنها نقلتنى لصفوف الكتاب الأوائل فى مصر، والأجمل من هذا أنها لاقت نجاحا وتواجدا فى الدول العربية لم أكن أتوقعه ، ففى السعودية ودبى وبيروت على سبيل المثال لاقت إستحسان الجالية العربية والأشقاء العرب ، ويرجع هذا إلى أنها تتناول مشاكل المراهقات فى المجتمعات العربية بوجه عام ، كما تتناول الإنفصام المجتمعى الذى يحدث للمراهقين نتيجة تمزقهم بين مجتمعين عندما يسافروا مع الأباء من أجل تحسين أوضاعهم المالية .
النجاح هنا له ثلاثة وجوه ، نجاح أدبى ، إنسانى ، ومادى ، فالنجاح الأدبى كان بإشادة النقاد والروائيين للرواية ، كالنقد الذى كُتب عنها بقلم الروائى العظيم جمال الغيطانى فى جريدة الأخبار، والدكتور زاهى حواس فى جريدة الشرق الأوسط، ورأى الناقد الأدبى المحترم جابر عصفور الذى أخبرنى به ، وفى أغلب المحافل الأدبية ، أما النجاح الإنسانى فكان بالآراء المختلفة التى جائتنى عن طريق البريد الإليكترونى وصفحات التواصل الإجتماعى، وما سمعته من إشادة وإعجاب أثلج صدرى من خلال إستضفاتى بنوادى الكتاب المختلفة فى أكثر من مكان بالقاهرة ، وهو نادى للكتاب ، أغلب المشتركين فيه حريصون على القراءة ,ومناقشة الكاتب .
وأخيرا النجاح المادى الملموس الذى تحقق بوصول الرواية إلى الطبعة الرابعة فى وقت قياسي ، وبالقطع أنا أدين بهذا النجاح إلى عائلتى التى ساندتنى طوال الوقت، وإبنتاى اللاتى كانتا دائما إلهامى فى الكتابة، ووالدتى التى هى أهم شخص فى حياتى وتأتى على رأس قرائى وجمهورى ، وأيضا دار النشر المصرية اللبنانية التى تحمست للرواية وأخرجتها فى شكل لائق ، وأهتمت بتواجدها فى داخل مصر وخارجها من خلال التوزيع الجيد .
* أنت فى الأصل طبيبة أسنان ، فكيف تحولت إلى الكتابة وهل مازلت تمارسين الطب أم توقفتى واكتفيتى بممارسة الأدب والصحافة ؟
أنا طبيبة أسنان ، وحصلت على رسالة الماجيستير فى تركيبات الأسنان الثابتة ولازلت أمارس عملى بنجاح ، فى عيادة خاصة ، وبالمناسبة أمارس الكتابة قبل الطب ، لأنى بدأت الكتابة فى سن الخامسة عشر من عمرى ، وبدأتها بكتابة خواطر أدبية ، ثم إتجهت لأول مجموعة قصص قصيرة بعنوان (حواديت عرافة) عندما جاءتنى فرصة النشر فى الهيئة المصرية العامة للكتاب ، وبالمناسبة النشر فى الهيئة كان شرفا يتمناه أى كاتب لأنها كانت تقريبا الجهة الوحيدة التى يتم فيها النشر بعد دخول الكتاب إلى لجنة لإختيار الأفضل ، وهكذا كانت مفرزا للأديب المتميز الموهوب عن حق ، وتوالت كتاباتى إلى مجموعة قصص قصيرة باسم (معبد الحب) ثم (حب خلف المشربية) الذى أعتز به كثيرا وأعتبره كتاب له معنى قوى حول حرية المرأة وعلاقتها بالمشربية كرمز للقمع .
ثم جاء (يعنى إيه راجل؟) الذى آثار عنوانه ضجة ذكورية كبيرة ، وأخيرا (بنات فى حكايات) ، ثم تجربة (دويتو) الذى هو عمل مشترك مع أحد الكتاب ، والذى قد لا أعتبره أفضل أعمالى ولكنى أعتبره بكل بساطة تجربة كانت تستحق المحاولة .
* كيف دخلتى عالم الصحافة ؟ وكيف تصنفين مقالاتك ؟
لقد دخلت عالم الصحافة بالمصادفة البحتة ، وكان دخولى عن طريق فرصة منحها لى الكاتب رشاد كامل الذى كان رئيسا لتحرير مجلة صباح الخير فى وقتها ، عن طريق إعجابه بأسلوبى فى الحكى ، فطلب منى كتابة موضوع صحفى كقلم زائر للجريدة ، وقد كان وكتبت له موضوع عن شاعرى المفضل (نزار قبانى) ولا أنسي اليوم الذى نزلت فيه لشراء نسخة المجلة وفتحتها لأرى اسمى وصورتى بجانب الموضوع ، وقتها فقط أدركت أن الصحافة لها بريق من نوع آخر ونجاحها لحظى وتحقق إنتشار أسرع من الرواية .
ثم عملت مع وائل الإبراشى فى جريدة صوت الأمة ، ثم محمد الشبه فى جريدة نهضة مصر ، وأخيرا انضممت إلى أسرة جريدة الفجر بقيادة عادل حمودة الذى أتشرف بوجودى معه فى الجريدة ضمن كوكبة من الكتاب والصحفيين المتميزين .
وقد إستقبل قرائى نجاح مقالاتى بنفس الحماس ويمكن أكثر من نجاح الكتب الأدبية ، والحمد لله أعتقد أن مقالاتى تتميز بشكل جديد فى أسلوب الحكى ومزج التاريخ بالواقع، حيث أننى من قراء التاريخ النهمين، حتى أننى تلقيت عرضا بجمع مقالاتى لصدورها فى كتاب، وقد شجعنى قرائى على هذه الخطوة بل وطلبوها منى بإلحاح، ولازلت بصدد دراسة العرض .
وردا على الجزء الثانى من سؤالك ، أعتبر نفسي كاتبة مقال واقعى سواء سياسي أو إجتماعى ، لكنه فى النهاية يمس ما نعانيه من مشكلات فى مختلف المجالات ، وأحرص دائما على طرح حلول للمشكلات التى أكتب عنها .
* كيف ترين مصر الآن من خلال قراءتك للواقع السياسي ، وماذا تتمنين لها؟
مصر تمر حاليا بحقبة زمنية من أسوأ الحقب التى مرت بها على مر الزمان ، فالوضع حرج وسيئ ، والأشخاص فى مصر يمرون بأزمة أخلاقية تجعل التعامل بينهم فى حاجة لوقفة حقيقية مع النفس ، والثورة كما أخرجت أجمل ما فى جيل كامل من الشباب، فقد أخرجت أيضا أسوأ ما فى الشعب من صفات ، مثل الفوضى والتطاول ، فنحن شعب لم يكن مؤهلا للديمقراطية ، لأننا وبكل أسف شعب أهمل حكامه "التعليم" طويلا ، وهو السبيل الوحيد لنهضة الشعوب ، وحيث أننا لا ندرك المعنى الواضح لكلمة الديمقراطية والحرية فقد اختلط علينا وجود حد فاصل بين الحرية والفوضى ، فانزلقنا فى هوة الفوضى معتقدين أن التعبير عن الرأى لا يأتى سوى بالقوة .
ولأننا شعب نصفه على الأقل جاهل والمتعلمون فيه لا يقرأون ، فقد توسم البعض فى جماعة الأخوان المسلمون أنهم يمتلكوا مفاتيح الخلاص من خلال تسترهم وراء الدين ولكن الحقيقة العارية أن تاريخ الأخوان سوف يطاردهم للأبد ، وتلاعبهم الدائم فى كل المواقف وضد كل الحكام جعل تاريخهم أسود وهذا مالم يفهمه كل من أعطاهم صوته، ولكننى كنت أرى ذلك منذ اللحظة الأولى ، ولهذا كنت ولازلت ضد الأخوان وممارساتهم وأفعالهم التى لا تناسب الأقوال .
ونحن اليوم لا نملك سوى الدعاء لله بالخلاص ، وأتمنى ألا يفقد الناس الأمل وأن يتشبثوا بحقهم فى الإعتراض وإستكمال مسيرة الثورة التى لم تكتمل، ولنعتبر هذه الفترة المضطربة هى فترة وجود جنين الثورة فى حضانة النمو السياسي ، فالحكام يموتوا والشعوب تفنى والدول تذهب ، وتبقى الكلمة ويبقى القلم ، الشاعر ، الكاتب ، والفنان ، إذن تفنى الأجساد وتبقى الذكرى .
وأقولها لكل من يتربص بمصر ويتمنى لها السوء برغم أنف الحاقدين والمتآمرين ستبقى مصر ، كما بقيت أبدا شامخة فى وجه الزمان وشاهدة على التاريخ .
صدام كمال الدين
20/ 4 / 2013
0 التعليقات:
إرسال تعليق