الثورة أجهضت بفعل فاعل
![]() |
الدكتور أحمد خالد توفيق |
خالد توفيق طبيب وأديب مصري ، ويعتبر أول كاتب عربي في مجال أدب الرعب والأشهر في مجال أدب الشباب والفانتازيا والخيال العلمي ، لعل أشهرها سلاسل ما وراء الطبيعة ، روايات عالمية للجيب ، فانتازيا ، موسوعة الظلام وهى موسوعة عربية متخصصة في عالم الرعب ، وأيضا الآن نفتح الصندوق ، وله العديد من الروايات منها يوتوبيا ، الغرفة رقم 207 ، السنجة .
* كيف ترى المشهد الثقافى فى مصر بعد الدستور الجديد ؟
نحن في حالة من السيولة السياسية والفكرية يصعب معها أن تحكم على أي شيء ، وكنا جميعا نعرف أن الدستور الجديد سيمر بنسبة نجاح ساحقة من دون تزوير لأن الناس تعبت في الحقيقة وتعشق كلمة نعم ، فكل هذا متوقع لكن يصعب معرفة إلى أين نحن سائرون .
* وهل ظهر إبداع الثورة بعد أم أنه مازال يحتاج لوقت كما يقول البعض ؟
التخبط لمدة ثلاث سنوات أرهق الإبداع فعلاً، ومعظم المثقفين مشغولون بمعارك كلامية حامية، لا أحد يعزف على القيثار ، وتأخرت أعمال كثيرة جدًا منها نادي سيارات علاء الأسواني التي تأخرت أعوامًا ، ومتى تصدر مجموعة قصصية جديدة لبلال فضل أو المخزنجي أو رواية لإبراهيم عيسى ؟
* وهل ستلقى الثورة والأحداث التى تلتها بظلالها على الأدب ؟
بالتأكيد ، فالتغيرات عنيفة جدا ولا يمكن تجاهلها .
* لماذا اخترت عنوان تويتات من العصور الوسطى لكتابك الذى سيصدر فى معرض القاهرة للكتاب 2014 ؟
لأن شكله يبدو كتويتات فعلاً، لكن من دون التعامل مع تويتر ، يعني نفس الفكرة لكن بطريقة بدائية جديرة بالعصور الوسطى .
* ذكرت أنك لم تكن تنوى إكمال رواية السنجة . لماذا ؟
ربما بسبب الهموم اليومية والافتقار للهمة أو عقدة عدم الرضا عما أكتبه .
* دحديرة الشناوى مكان شعبى به كل الموبقات . هل ترى أن مهمة الكاتب أن ينقل واقعه أم يحاول تجميله ؟
لا أحد يجمل الواقع إلا لو كنت تكتب يوتوبيا القديمة ، المهم ألا تنقل الموبقات لمجرد التلذذ بذلك كما تخصص مواقع إنترنت مساحات شاسعة لزنا المحارم بدعوى (فتح الخراج) ، ورأيت أفلامًا مصرية فيها زنا محارم وجنس أطفال ومخدرات ودعارة ، هكذا فقدت مصداقيتها تمامًا، غير أن دحديرة الشناوي مكان خارج الواقع ولا وجود له ، إنه وليد خيال المؤلف عصام .
* هناك عدة شخصيات تعيش أكثر من حياة كعصام الشرقاوى ، إبراهيم أبو غصيبة ، فهل هذا اسقاط منك على الواقع ؟
كلنا في الحقيقة نعيش أكثر من حياة بكذا شخصية ، أنا أملك في داخلي ابن بلد يعشق جلسة المقاهي ولحمة الراس والدعابة، وفي الوقت نفسه أحوي المثقف المتحذلق المندهش من كل هذا الجهل .
* شخصية حماصة فى الرواية أقوى من الجميع وحتى الحكومة ذاتها ، فهل هذا واقع البلطجية فى مصر ؟
حماصة أكبر من أن يكون مجرد بلطجي ، إنه معنى ولا نراه أبدًا بوضوح ، لو تعاملت مع السنجة باعتبارها قصة عن العشوائيات فأي فيلم لخالد يوسف افضل منها بكثير.
* قلت " كل طالب كان فى مظاهرات السبعينات صار اليوم أديبا " هل هذا ما تراه فى جيل السبعينات ؟
هذه مبالغة ساخرة طبعا ، لكن هناك جيلاً كاملاً من اليساريين والناصريين الذين شاركوا في هذه المظاهرات ومعظمهم صاروا كتابًا مهمين ، تلك المظاهرات كانت بوتقة تخمر فيها كتاب كثيرون .
* عفاف انتهت حياتها بهزيمة فى الوقت الذى انتفضت فيه مصر ثائرة ، فهل كنت تقصد أن الثورة المصرية هزمت ولم تحقق أغراضها ؟
طبعًا ، لقد اغتصبت اغتصابًا .
* كل سكان الدحديرة مشوهون ومدمرون داخليا . لماذا ؟
لأنهم فقراء جدًا ، جهلة جدًا ، حياتهم قاسية جدًا ، فم ماذا تتوقع غير أن يصبحوا مدمون ومشوهون داخليا ؟ .
* السبحة ، السرنجة ، السنجة ، السيجة ، أيهم الذى أودى بحياة عفاف ؟
لا شيء من هذا ، لم نعرف الإجابة قط ، هذه مسارات زائفة يمشي فيها عصام فلا يصل لشيء ، لكنه في الوقت نفسه يرسم بانوراما كاملة لحياة عفاف ، التى ماتت لأنها فقيرة ومغرية ووحيدة، ولأنها وضعت أحلامها كلها على ثورة يناير فخسرت مقامرتها.
* هل ترى أن ثورة 25 يناير امتداد لمظاهرات الطلبة فى السبعينات ؟
الكيان الثائر الحي الرافض للظلم واحد منذ عصر اخناتون وحتى اليوم ، يُرهق أو يسقط بعض الوقت ثم ينهض من جديد .
* عفاف المقاومة والحالمة بمستقبل أفضل ، ألم يكن من حقها أن تحظى ولو بقدر قليل من السعادة والأمل فى غد أفضل ؟
كان من حقها لو نجحت الثورة ، ولكن فشل الثورة سحقها .
* عصام بطل الرواية وهو روائى ، مهزوم على جميع المستويات . فهل هذا هو حال الأدباء ؟
عصام نقي التفكير ولم يتكيف ، من هم أذكى أو أقذر منه صاروا رؤساء تحرير صحف ، هو احتفظ بضمير الطفل ولم يتكيف ، لهذا كانت حياته سلسلة هزائم .
* ذكرت فى الرواية " الأدباء ينتحرون دائما فى النهاية " . هل هى سخرية منك للواقع أم ماذا ؟
سخرية طبعًا لكنها لا تخلو من صواب ، والذى قد يكون انتحار حقيقي أو معنوي .
* أرى أنك تركز على الشخصيات أكثر من المكان ، فهل رهانك دائما يكون على الشخصيات ؟
أنبهر بالشخصيات فعلاً ، لكن لعبة أن تختار مكانًا وترص فيه بعض الشخصيات لعبة مضمونة النجاح ومكشوفة جدًا ، حاولت الفرار منها ، لهذا دحديرة الشناوي لا وجود لها أصلاً .
* قامت الثورة ولم يتغير شئ فى دحديرة الشناوى فهل هذا ما تراه يحدث فى مصر ؟
طبعًا ، بل الأمور تسوء للاسف ، آمل أن تكون عملية المخاض ما زالت مستمرة ، ما زلنا نجتاز عنق الرحم ولم نصل بعد للخارج.
* هناك ميل منك للسخرية فى كتاباتك . لماذا ؟
لأنني تربيت على الأدب الروسي ،عندما تقرأ تشيكوف وجوجول وأنت في المدرسة الابتدائية تصير السخرية جزءًا منك، وبعد هذا يأتي تأثير محمد عفيفي ومارك توين وأوسكار وايلد الساحق.
* ما مدى استفادتك من عملك كطبيب فى كتباتك ؟
أعتقد أن نفس العوامل التي تصنع طبيبًا تصنع أديبًا .
* كتابة الخيال العلمى والرعب هل لابد وأن تستند لحقائق ؟
في الخيال العلمي لابد أن تستند إلى شيء من المنطق العلمي ، لابد من حقائق تطورها,هذا ليس شرطًا في الرعب.
* وهل تؤيد انحياز الكاتب للخيال حتى ولو كان على حساب الواقع ؟
المهم ان يكون صادقًا حتى في خياله ، أزيموف صادق جدًا حتى وهو يتكلم عن الشموس الأخرى ومشاكل الروبوتات النفسية .
* ما سر عزوفك عن الندوات الأدبية ؟ وهل ترى أن المقال كاف لتوصيل أرائك ؟
أنا بطبعي أنفر من الزحام ، ثم أنني بعد أعوام من الندوات الأدبية مللت نفسي جدًا ، شعرت أنني أقول نفس الكلام في كل مكان ، نفس الأسئلة ، نفس الإجابات ، نفس الكلمات ، عندما بدأت الكتابة كنت أحلم بأن أظل خلف الأحداث ولا أظهر أبدًا ، لا يعرف القارئ شكلي اصلاً ، لكن لم أكن بقوة العزيمة المرجوة .
* كتبت يوتوبيا عام 2008 وبعد الثورة هل مازال مستقبل مصر كما صورته من خلال أحداث الرواية وإنقسام المجتمع إلى طبقتين إحداهما بالغة الثراء والأخرى فقيرة ؟
الثورة لم تغير شيئا حتى اللحظة ، وأعتقد أن الفقراء ازدادوا فقرًا ، كانت شيئًا رائعًا اجهضوه .
* هل ترى أن هناك إقبال على أدب "الرعب" فى مصر ؟ ولماذا لا يستهوى هذا النوع سوى المراهقين ؟
لا أحد يقرأ في مصر سوى الشباب حتى تخرجهم من الجامعة ، بعد هذا لا يقرءون سوى الكلمات المتقاطعة ، هناك مرحلة أولى يبدأ فيها الفتى القراءة فينبهر بعوالم الجاسوسية والرعب في كتاباتنا ، يقرر أن يقلد هذا ويقدم أعمالا شبيهة ، بعد فترة يتحرر ويقدم أعماله الخاصة ، في فترة كان كل من يرسم في مصر يرسم مثل مصطفى حسين ، كان مصطفى حسين معناه (رسم) بالنسبة للشباب.
* الكتابة عندما يكون جمهورها من المراهقين هل تختلف عن الكتابة الروائية ؟
لابد من سقف رقابة منخفض نوعًا ، هذا جمهور حساس جدًا .
* كتاباتك متنوعة ألا تجد أن هذا مرهق لك ككاتب ؟
فعلاً ، لذا أوقفت ما وراء الطبيعة ، قللت من نصف مشاكلي .
* هل تفضل النهايات المفتوحة لأعمالك وترك القارئ يستنج ما حدث بعد ذلك ؟
أحبها جدًا ، لكن هذا يثير سخط القارئ لذا أحاول السيطرة على نفسي .
صدام كمال الدين
0 التعليقات:
إرسال تعليق